شهدت مدينة حلب السورية واحدًا من أسوأ أيامها الدموية منذ دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين النظام السوري وقوات المعارضة حيزا التنفيذ، أمس الجمعة في الوقت الذي تستعد فيه حكومة الرئيس بشار الأسد لشن “حرب كل الحروب” بغية استعادة ثاني أكبر المدن السورية.
المذبحة التي نفذها النظام في الأيام القليلة الماضية دفعت حلب- التي تعد محل تنافس شديد بين النظام والمعارضة منذ العام 2012 وتوصف بأنها “جوهرة” سوريا- مجددًا إلى ميدان المعركة الرئيسي في الحرب الأهلية. بحسب صحيفة “تليجراف” البريطانية.
وأقدم نظام بشار على قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة في غارات جوية، شملت منشأة طبية، في حين رد مسلحو المعارضة بقصف الأحياء التي تسيطر عليها الحكومة بالصواريخ وقذائف المدفعية.
وألغيت صلاة الجمعة أمس في عموم حلب وذلك للمرة الثانية خلال 5 أعوام هي عمر الحرب الدائرة في سوريا، بسبب قلق المواطنين من استهدافهم أثناء تجمعاتهم لأداء الصلاة.
ولقي أكثر من 100 شخص مصرعه في اليومين الماضيين، بواقع شخص كل 25 دقيقة في المتوسط.
وتصدر هشتاج ” حلب تحترق” مجددا موقع التدوينات المصغر ” تويتر” بمئات الآلاف من التداولات أمس الأول الخميس جنبًا إلى جنب مع صور لأطفال يتم انتشالهم من أسفل أنقاض البنايات المتهدمة.
وقال فادي حكيم، طبيب من حلب أنشأ عيادة طبية في حي المرجة التي تعرضت للقصف صباح أمس، في تصريحات لـ ” تليجراف”:” هذا من أسوأ الأيام التي مرت علينا في حياتنا.”
وأضاف حكيم أن سكان الحي يخشون مغادرة منازلهم لتلقي العلاج، مشيرا:” يستهدفون ( قوات النظام) عن عمد المراكز الطبية مجددا- مسألة واضحة جدا. واضطر الأطباء إلى تعليق عملهم بعد أن بات الأمر يشكل خطرا على حياتهم.”
وتابع:” حينما رأيت الهجوم على عيادتي انفطر قلبي. فقد زرعت الزهور في الحديقة هناك بنفسي. ولا يوجد إرهابيون، ولكن فقط أطباء ومرضى.”
وكان زيد بن رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان لفت إلى أن إخفاق مجلس الأمن المستمر في إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية يعد مثالا على أكثر أشكال الواقعية السياسية خزياً. وأضاف أن كثيرين باتوا مقتنعين أن القوى الكبرى العالمية متواطئة بالفعل في التضحية بمئات آلاف البشر وتشريد الملايين.
ودعت الولايات المتحدة روسيا إلى احتواء نظام بشار الأسد في سوريا بعد قصفه مستشفى “أطباء بلا حدود” في حلب، معبرة عن “غضبها الشديد” بعد هذه المجزرة.
وأدان البيت الأبيض أحدث موجة من الضربات الجوية على حلب، وقال إنه “يشعر بالفزع على نحو خاص” بسبب الهجوم على المستشفى بحلب والذي أودى بحياة العشرات بينهم أطفال وأطباء.
وذكّر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بأن هذا الأسلوب الذي ينتهجه النظام بتعمد استهداف المستشفيات والطواقم الطبية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة سبق أن أسفر عن مئات القتلى.
ودعا موسكو إلى الضغط على دمشق لدفعها الى احترام وقف إطلاق النار بين النظام ومعارضيه.
بدوره، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالقصف الذي تعرّض له “مستشفى القدس” في حلب، معتبرًا أنَّ هذه الهجمات على المدنيين “لا يمكن تبريرها”.