سنتناول في هذه الحلقة تسلسل العمليات العقلية قبل أن تتحول إلى فعل، وكيفية الارتقاء بالعمليات العقلية، وإستراتيجية تغيير السلوك، وهو الهدف من هذه السلسلة.
1- الفعل Action:
قبل أن يصبح الفعل فعلاً كان فكرة Idea عبرت عن نفسها بالفعل، إذا أردنا أن نقلع عن فعل سيئ دون أن نغير الفكرة الباعثة له، ستُعبر الفكرة السيئة عن ذاتها بفعل سيئ آخر، وهكذا؛ لذا فالواجب هو إزالة الفكرة السيئة.
وفي المقابل أيضاً، بدلاً من أن نحث أنفسنا على فعل طيب؛ وليكن قراءة كتاب ينمي ثقافتنا عن تاريخنا، وغداً نحثها على الاستماع إلى برنامج ينمي ثقافتنا عن تطور المجتمعات.. فالأولى زرع فكرة التنمية الثقافية والتي سيُعبر عنها بالقراءة وحضور الندوات والمحاضرات والاشتراك في الدورات الثقافية وتلبية لإشباع فكرة التنمية الذاتية الثقافية.
2- الفكرة:
الفكرة ثمرة فكر Thought أيضاً بدلاً من أن نلغي فكرة سيئة فالواجب هو إلغاء الفكر السيئ؛ لأنه لو لم يُلغَ الفكر السيئ لأثمر أفكاراً (Ideas) سيئة أخرى، ولعبرت كل فكرة سيئة منها عن نفسها بالعديد من الأفعال السيئة وهكذا، ولظللنا نلهث وراء الأفكار السيئة لتعديلها، لذا فالأولى تعديل أو إلغاء الفكر السيء لمنع ظهور أفكار سيئة، تعبر كل منها عن نفسها بأفعال سيئة.
وفي المقابل أيضاً، بدلاً من أن نزرع في أنفسنا فكرة طيبة ولتكن فكرة التنمية الثقافة مثلاً، وغداً ونزرع في أنفسنا فكرة طيبة أخرى ولتكن التنمية المهنية، وبعد غد نزرع فكرة طيبة أخرى، وهكذا نلهث وراء زرع الأفكار الطيبة.. لذا فالأولى زرع فكر التنمية الذاتية، والذي سيُعبر عنه من خلال أفكار عن التنمية الدينية والتنمية المهنية والتنمية الثقافية.. وكذا أفكار تنموية شتى كلها ثمرة زرع الفكر التنمية الذاتية، يعبر عن كل فكرة بأفعال ينمي كل منها ذواتنا في مجال الفكر؛ ثقافي أو مهني أو اجتماعي أو وجداني.
3- الفكر:
الفكر نتاج عمليات تفكير (Thinking Processes)، أيضاً بدلاً من أن نلغي فكراً سيئاً (Bad Thought) فالواجب هو إلغاء التفكر السيئ (Bad Thinking) لأنه لو لم يُلغَ التفكر السيئ لأثمر فكراً سيئاً (Bad Thoughts)، ونتج عن كل فكر سيئ أفكار سيئة (Bad Ideas) أخرى، عبرت كل فكرة سيئة منها عن نفسها بالعديد من الأفعال السيئة (Bad Actions) وهكذا.
وفي المقابل أيضاً، بدلاً من أن نزرع فكراً طيباً (Good Thought) وليكن تنمية الذات وغداً نزرع فكراً طيباً آخر وليكن فهم الآخر وبعد غد فكراً طيباً عن نفع المجتمع.. لذا فالأولى هو الارتقاء بمستوى التفكير؛ لأن التفكير الجيد ينتج فكراً جيداً، ويُعبر عن كل منها بأفكار جيدة (Good Ideas)، تثمر كل فكرة منها أفعالاً جيدة (Good Actions).
4- التفكير:
التفكير هو نتاج منهجية تفكير (Thinking Methodology) لذا لو كان لدينا تفكير اقتصادي سيئ ناتج من منهجية تفكير بها خلل، وأصلحنا هذا التفكير الاقتصادي السيئ دون تطوير وتحسين منهجية التفكير؛ لأنبتت تفكيراً اجتماعياً وتفكيراً دينياً وتفكيراً مهنياً سيئاً؛ لذا الواجب هو تطوير وتحسين كفاءة منهجية التفكير لتثمر تفكيراً صحيحاً ينبت أفكاراً طيبة (Good Thoughts) يثمر كل منها أفكاراً (Ideas Good) يُعبر عن كل فكرة بأفعال سوية.
مثال آخر: لو كان هناك خلل في التفكير، وليكن تفكيراً بؤرياً (Focal Thinking) نتج عنه أفكار لا تأخذ الصورة العامة أو النظرة الشمولية، لأن التفكير اقتصر على العناصر المركزية دون مراعاة تفاعل العناصر في النظرة الشمولية (Holistic/Universal View)، ونتج عنه أفكار بؤرية (Focal Thoughts)، يثمر كل فكر منها أفكاراً مبتورة (Truncated Ideas)، ينتج عن كل فكرة منها أفعالاً مضطربة (Twitchy Actions)؛ ومن ثم عدم التفاعل الكفؤ مع الأحداث، لذا بدلاً من أن نعدل التفكير البؤري، ثم غداً نكتشف خللاً آخر، وليكن تفكيراً غير منطقي (Illogical Thinking)، نقومه ثم نكتشف تفكيراً سوداوياً نقومه وهكذا.. لذا لو ارتقينا بمنهجية التفكير وعالجنا ما بها من خلل، وطورناها طبقاً لإستراتيجية تنمية مستدامة للعمليات العقلية، لضمنا أن عمليات التفكير(Thinking Processes) تتطور وترتقي ,يتحسن أداؤها، بما يرفع من كفاءة الفكر (The Efficiency of Thought) وتتحسن بالتالي أفكارنا (improving our thoughts) فتتوافق أعمالنا (Our Actions become Consistent)وتحقق ما نريده منها بمشيئة الله.
5- كيفية تطوير أداء منهجية التفكير والارتقاء بها (Improving the Performance of Thinking Methodology and its upgrading): منهجية التفكير لدى أي إنسان تتكون من جزأين أساسيين:
(أ) أدوات التفكير (Thinking Tools)
(ب) محددات (Determinants) / أطر (Frameworks) / مسلمات (postulate) / بديهيات (axioms) / معتقدات (beliefs) / منظومة القيم والأخلاق(Set of values and ethics) / وو.. وكل ما يحدد نطاق عمليات التفكير(All that Defines the Scope of Thinking Processes).
وهذا ما سنتناوله في الحلقة القادمة إن شاء الله.