كان عام 2017 قاسياً على أمة العرب عامة وأهل الخليج خاصة ، ففي هذا العام حدثت أزمة الخليج الثانية وازدادت حدتها بين بعض دول الخليج من جهة وقطر من جهة اخرى ، وتراجعت حظوظ حسم ازمة اليمن عسكريا وسياسياً وزاد التواجد العسكري الايراني في العراق وسوريا ورجحت كفة الحكم الطائفي لهذين القطرين الكبيرين وتحقق بذلك حلم الهلال الشيعي ، وبالمقابل تحجمت المقاومة السورية للنظام العلوي وتراجعت مكاسبها بشكل كبير وتمكن التوافق الامريكي الروسي من تمكين موسكو من ايجاد قاعدتين عسكريتين كبيرتين على الاراضي الروسية ، ونجحت داعش في انجاز مهمتها بتشويه الاسلام وتحجيم دور التيارات الاسلامية في المنطقة وربط العمل الخيري الاسلامي بالإرهاب ، وشيطنة الجماعات الاسلامية المعتدلة وفسح المجال للجماعات الصوفية والجامية المروّضة ، لذلك شاهدنا من أوجد داعش يعلن نهايتها والقضاء عليها (!!)
وبما أن الحركة الدستورية الاسلامية حدس جزء من هذه الامة ، لذلك عانت من قسوة هذا العام ، الا انها تمكنت من تجاوز بعض المطبات المصطنعة، فعلى المستوى المحلي كانت هناك محاولات كثيرة لحث السلطة في الكويت لشيطنة الحركة وربطها بالإرهاب ، لولا وعي القيادة وإدراكها لحقيقة الحركة ومنشأها ودوافعها، وقد كان للقاء الأخير الذي جمع قيادة الحركة برأس السلطة الأثر الطيب على كوادر الحركة حيث تم التأكيد على سلامة خط سير الحركة وواقعيتها واعتدالها والثناء عليها، مما أغلق الباب على محاولات التشويه المستمرة لهذا التيار الوسطي !
من جهة أخرى شاهدنا كيف تمت مكافأة الشباب الوطني الساعي إلى المحافظة على ثروات البلد بصدور حكم قضائي بسجنهم! واليوم يقف عدد من رموز العمل السياسي والوطني خلف القضبان بينما بقيتهم لاجئة في أرض الله الواسعة! لكن يحدونا الأمل بعدالة محكمة التمييز لترفع الظلم عن المظلوم !
وفي هذا العام تميزت الحركة الدستورية الاسلامية بأدائها تحت قبة البرلمان من خلال نوابها، وذلك بطرح أسلوب جديد في العمل البرلماني، وهو المعارضة المتزنة، البعيدة عن صيحات الحناجر العالية، لكنها صارمة في رقابتها على أداء السلطة وتجاوزاتها، فكانت متعاونة في كل ما يساهم في تحسين أداء الحكومة، ويقلل من التوتر في العلاقة بين السلطتين، ويحقق الصالح العام، كما حدث في استجواب رئيس الحكومة وكما حدث في جلسة الرياضة، حيث كان لموقف الحركة الأثر الكبير في إزالة الاحتقان السياسي، بالمقابل أيدت استجواب وزير الإعلام السابق وطرحت الثقة في وزير الدولة الأخير، وشاهد الجميع تأثير تحرك نواب الحركة تحت قبة البرلمان في إنجاح الاستجوابين، وهكذا تثبت الحركة أن مواقفها وفقاً لما تراه محققاً للاستقرار السياسي ويصب بالصالح العام للوطن والمواطن، ولعل نظرة سريعة لحصاد اقتراحات نواب حدس ومواقفهم ندرك حقيقة ما نقول ونؤكده! حيث لم يتركوا شارده ولا وارده فيها دعم للمواطن أو مصلحة للوطن إلا كانوا مع زملائهم في الطليعة .
انتهت سنة 2017م بكل ما فيها من مرارة وصفحات أليمة ، وها هي 2018 تحل علينا ويحدونا الأمل في أن تكون أفضل من سابقتها، ولا نملك إلا العمل والانتظار لما يقدره الله تعالى علينا!
ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.