تتنافس الجمعيات الخيرية في العالم للحصول على أكبر قدر من الإيرادات في شهر رمضان المبارك لخصوصيته وبركته، فتنزل إلى الميدان حملات إعلامية وتواصل اجتماعي وسوشيال ميديا، ويشارك فيها المشايخ والرموز الإعلامية والفنانين والرياضيين، وحتى الفاشينستا يشاركون فيها.
وكالعادة تتميز الكويت بخصوصيتها في هذا المجال، كيف لا و”العمل الخيري صناعة كويتية”، فتتنافس الجمعيات الخيرية المحلية في ذلك بشكل متجدد عاما بعد عام، ويزور الكويت ممثلو المراكز الإسلامية من مختلف دول العالم لذات الهدف، وكانت وزارة الأوقاف تستضيفهم كل عام، وتستقبلهم المؤسسات الخيرية الرسمية والأهلية، إضافة لرجال الأعمال وأهل الخير، فتصبح الكويت من منتصف شعبان حتى الأسبوع الأخير من رمضان خلية نحل في عمل الخير.
ولعل من أصعب حالات جمع التبرعات تكون في مجال خدمة القرآن الكريم وأنشطته، لسببين رئيسين:
الأول: الاعتقاد الراسخ بأن عمل هذه الجمعيات لا يخرج عن حلقات المساجد التي يحضرها الأطفال، وأن هذه الحلقات تتكفل بها وزارة الأوقاف.
الثاني: الجانب النفسي الذي يتعاطف مع اللاجئين والأيتام والمرضى والجرحى.
وهذا ما جعل بعض جمعيات القرآن تضيف إلى نشاطها أنشطة خيرية أخرى مرتبطة بالقرآن، لتوسع قاعدتها الجماهيرية.
ومن الجمعيات المتميزة في خدمة القرآن الكريم جمعية المنابر القرآنية، حيث أنها لم تتجه إلى الحلقات المنتشرة في المساجد، وإنما اتخذت مسارا متميزا في عملها التخصصي، بتنظيم حلقات قرآن لفئة الصم، وهي فئة صعبة التعليم بالإشارة لقلة المعلمين المتخصصين بهذا المجال، ودورات شرعية وعلمية في القراءات والسند والإتقان ورسم القرآن.. وغير ذلك.
ولأن هذه المشاريع تعتمد بالكامل على التبرعات، لأن الجمعية لا تأخذ دعما من أي جهة رسمية، ولا تأخذ رسوما على دوراتها، بل تعطي مكافآت تشجيعية لروادها، فقد أطلقت حملتها الترويجية في شهر رمضان المبارك بعنوان “بادر لأجر دائم” مع وقف “ألم”.
وتأتي كلمة “بادر” لأجل التحفيز والتشجيع لدعم مشاريع الجمعية، انطلاقا من الحديث الشريف “بادروا بالأعمال الصالحة”، فلن يكون عمل بلا مبادرة.
ويعد وقف “ألم” الداعم الرئيس لمشروعات وبرامج المنابر القرآنية لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم وعلومه، ويكفينا البشارة النبوية والمنحة الربانية بكسب الأجر في خدمة كتاب الله عز وجل، والتي تعد من أعظم القربات الى الله، وهي الغاية الأولى التي تبتغيها المنابر، حيث تفتح للمحسنين الكرام بابا من أبواب الخير لكسب الأجر والثواب وزيادة رصيدهم من الحسنات من خلال التبرع لوقف “ألم” لخدمة القرآن الكريم بالتصدق بما تيسر، ولو تفكرنا بصغر حجم الصدقة وعظم الأجر؛ فإننا لن نتوانى عن المشاركة بهذا المشروع الذي يهدف الى إجلال وتعظيم كتاب الله الكريم، وتقوية الصلة به، وتنشئة أبنائنا على تلاوته وحفظه آناء الليل وأطراف النهار.
وجاءت فكرة هذا الوقف بالنظر الى كتاب الله الكريم الذي يشتمل على (340740 حرفا) تقريبا، وكل حرف يقرأه المسلم من كتاب الله له به حسنة، وقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: “من قرأ حرفا من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف”. فكان هدف هذه الحملة (340740) دينارا، بمعدل دينار عن كل حرف من أحرف القرآن الكريم.
وتأتي هذه الحملة انطلاقا من حرص «المنابر القرآنية» على تهيئة مشروع وقفي يتيح للمتبرعين الكرام أبوابا للخير، يوقفون فيه صدقاتهم وتبرعاتهم، حيث يصرف من ريع هذا الوقف في رعاية أهل القرآن الكريم أهل الله وخاصته، وتعليم وتحفيظ القرآن الكريم داخل الكويت وخارجها، ورعاية ودعم الحفاظ الأيتام والفقراء، وتنظيم مسابقات حفظ القرآن الكريم والمتون العلمية في التفسير وعلوم القرآن، وغير ذلك من الأهداف السامية لهذا المشروع.
ومن أبرز أهداف هذه الحملة الآتي:
١) تعليم كتاب الله داخل الكويت وخارجها؛ تلاوة وفهما وتدبرا.
٢) دعم متعلمي القرآن بشكل عام.
3) رعاية الأيتام والفقراء وأصحاب الهمم متعلمي القرآن.
4) توفير المناهج التعليمية المناسبة للحلقات المبتدئة والمتقدمة.
5) تطوير معلمو القرآن الكريم في علم القراءات.
6) تنظيم ورش ودورات تدريبية لإتقان التجويد وتحسين وتحبير التلاوة.
وقد انطلقت حلمة “بادر لأجر دائم” إعلاميا وعبر وسائل التواصل الاجتماعي في منتصف شهر رمضان المبارك، وميدانيا في مجمع “ذا جيت مول” بمنطقة العقيلة.
ويمكن للراغبين بالتبرع والمساهمة في هذه الحملة الدخول على هذا الرابط (https://www.almanabr.org/campaign?id=10)، أو عبر موقع جمعية المنابر www.almanabr.org))، أو من خلال الخط الساخن (97166611).
وما هذه الحملات الخيرية في رمضان بغريبة على أهل الكويت الذين جبلوا على فعل الخير وحب القرآن الكريم والعناية به والتبرع له، وهذه الحملة توفر بابا عظيما من أبواب الخير والبر في بحر القرآن الكريم، ليجد المسلم ثوابها عند الله يوم القيامة أضعافا مضاعفة، لا سيما وأننا في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
ولا شك أن مساهمة المحسنين الكرام في هذا المشروع مضمونة النتائج، فهي تجارة رابحة في الدنيا والاخرة، حيث أن التبرع المنشود من المحسنين سيكون مسخراً في خدمة كتاب الله وحامليه من الحفظة والدارسين وحلقات المتعلمين من البنات والبنين الصغار والبالغين، مستذكرين قول النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه: «لا حسد الا في اثنتين؛ رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار”.