في موعد لا يغفل البعد السياسي، بحسب مراقبين، قررت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، برئاسة المستشار حسن فريد أمس الأول الثلاثاء، حجز محاكمة الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والدكتور صفوت حجازي أمين عام رابطة علماء أهل السنة ومجلس أمناء ثورة 25 يناير ووزراء وسياسين بارزين ومئات آخرين في القضية المعروفة إعلامياً بـ “فض اعتصام رابعة العدوية”، إلى جلسة 30 يونيو للحكم، فيما تؤكد السلطات المصرية دوماً استقلال القضاء في مصر رغم الانتقادات الحقوقية الكثيرة.
تسيس واضح
30 يونيو، هو الموعد الذي شهد أول حراك كبير معارض في العام 2013م ضد الرئيس محمد مرسي، والذي يتهم نشطاءه الآن السلطة الحالية باختطافه وتدبير انقلاب في 3 يوليو من ذات العام، خاصة مع دخول عدد منهم السجون بجوار قيادات الإخوان.
الحقوقي علاء عبد المنصف مدير منظمة السلام الدولية لحقوق الإنسان اعتبر في تصريح لـ”المجتمع” قرار المحكمة بحجز الحكم في موعد 30 يونيو يتفق مع البعد السياسي الكبير الذي رافق إجراءات المحاكمة منذ بداية الأزمة السياسية وحتي ما صدر من القاضي من عبارات وإجراءات تشيء بتسيس واضح في ظلال أحكامه المعروفة ضد جماعة الإخوان المسلمين ومعارضي النظام الحالي.
وأوضح أن الحكم في القضية هو تحصيل حاصل في ظل الأحكام الكثيرة التي نالت من قيادات الرأي والمعارضة في مصر الرافضة للنظام، ولكنها تفتح الحديث عن الجاني الحقيقي، فتقاريرنا الحقوقية تثبت أن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وآخرين تورطوا في ارتكاب مذبحة رابعة العدوية وليس من المعقول اتهام الإخوان بقتل أنفسهم وذويهم، ومن التقارير المهمة في هذا الإطار كذلك ما أصدرته الزميلة “هيومان رايتس ووتش” عن المذبحة، وطالبت فيه بتحقيق دولي وهو ما لم يتم حتى الآن.
شهادات وخطابات
وشهدت جلسات المحاكمة التي يصفها الإخوان المسلمين في مصر بالباطلة بحسب بياناتهم ومنصاتهم الإعلامية، العديد من المشادات والمواقف الساخنة مع هيئة المحاكمة التي طالب أكثر من متهم في القضية تنحيها عن نظر الدعوى لسابق إدلائها برأيها بحق جماعة الإخوان المسلمين بطريقة تتقارب مع النظام في أكثر من قضية أخري صدر فيها حكم نهائي، حيث يعتبر المستشار حسن فريد رئيس المحكمة أحد القضاة البارزين بعد أزمة يوليو 2013م، والإطاحة بالدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب للبلاد، في التصدي لقضايا الأزمة السياسية.
واستغلت القيادات السياسية في المحاكمة جلساتها لإعلان آرائهم ورفض القمع كما يصفونه الذي يحدث معهم في السجون والإعلان عن كل ما يستجد، ومن أبرز الخطابات، ما القاه مرشد جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع في أواخر العام الماضي أمام القاضي حسن فريد، حيث أكد أن أعضاء الجماعة معتقلون حتى يمكن تمرير “صفقة القرن”، في إشارة للخطة التي يتم تدوالها سراً لاسقاط الثوابت الفلسطينية، وأضاف مخاطباً القضاة في جلسة عقدتها محكمة جنايات القاهرة في 16 ديسمبر 2017م “فلسطين قضيتنا الأبدية.. وقضية الأمة العربية والإسلامية.. نحن محبوسون لإتمام البعض صفقة القرن”.
ورد الدكتور الاكاديمي محمد بديع على اتهام القاضي له بالتحريض بدعوى الدفاع عن فلسطين بأن طالبه بإخراج المعتقلين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين حتى يقاتلوا من أجل فلسطين، وأكد أنه لا تعنيه الأحكام التي ستصدرها المحكمة ضده وضد مئات آخرين يحاكمون معه في قضية اعتصام رابعة وغيرها من القضايا.
وفيما يخص القضية التي يحاكم فيها مع أكثر من سبعمائة آخرين، قال الدكتور بديع إن المحكمة لا تسمح له بمناقشة الشهود، وأكد أن الجماعة كانت حريصة على أن يكون اعتصام ميدان رابعة في كنف السلمية، مستدلا بتفتيش حقائب الوافدين إلى الميدان، ودعوته هو من على المنصة إلى الالتزام بالسلمية، فيما طالب المحكمة بالتحقق من الوقائع فيما يخص هذه القضية، وقال إن الإخوان المسلمين يُحاكمون بوقائع مقلوبة، وأشار في هذا الإطار إلى أن طائرات أطلقت النار على المعتصمين في ميدان رابعة عكس ما ورد في ملف القضية.
وأعلن المعارض البارز ونائب رئيس حزب الوسط المصري عصام سلطان، وأحمد عارف” المتحدث الإعلامي السابق باسم الإخوان المسلمين في جلسات سابقة من المحاكمة، تعرضهما للمساومة تحت التعذيب النفسي والمادي في سجن العقرب مقابل الموافقة علي تأييد الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، إلا أنهما شددا باسم المعتقلين كما قالوا على أنهم لن يتنازلوا عن مبادئهم.
نجلة البلتاجي!
وكانت من أبرز محطات المحاكمة، المرافعة المؤثرة التي ألقاها نيابة عن نفسه الدكتور محمد البلتاجي أحد قيادات ثورة 25 يناير والقيادي البارز بحزب الحرية والعدالة ( المحظور حالياً بعد الأزمة السياسية التي حدثت في 3 يوليو 2013م)، حيث تحدث عن ملابسات استشهاد ابنته في ميدان رابعة العدوية وطالب بعرض “سيديهات” كانت في حوزة المحكمة تثبت إدانة قوات الشرطة والجيش المشاركين في فض الاعتصام الذي وصفه بالمذبحة المروعة، لكن في 17 أبريل الماضي فاجأت المحكمة الرأي العام بمعاقبة الدكتور محمد البلتاجى بالحبس سنة بدعوي تعطيل عمل الجلسة فيما نفي البلتاجي ذلك عن طريق محاميه كونه يطالب بحقه في الحديث للمحكمة التي تتجاهل قضية استشهاد ابنته وتحاسبه وآخرين علي جناية ارتكبها آخرون في سدة الحكم كما قال.