أعاد قائد أركان الجيش الجزائري الفريق قايد صالح، أمس السبت، طرح اقتراح إعلان شغور منصب الرئيس الذي تلتزم الرئاسة الصمت حياله، مؤكداً في الوقت ذاته رفضه أي حلول خارج إطار الدستور.
جاء موقف الجيش الجزائري بلهجة شديدة عقب اجتماع ضم قادة المؤسسة العسكرية في البلاد، بعد أيام من اقتراح تطبيق المادة (102) من الدستور، المتعلقة بشغور منصب الرئيس، كحل للأزمة الراهنة في البلاد.
وتعالج المادة (102) من الدستور حالات استقالة الرئيس أو وفاته أو عجزه، إذ تنص على تنصيب رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) خلفًا له لمدة 90 يومًا، تنظم خلالها انتخابات جديدة.
وفيما أعلنت أغلب قوى الموالية للنظام دعمها لمقترح الجيش، تراوحت مواقف المعارضة بين اشتراط رحيل جميع رموز النظام قبل تطبيق المادة (102)، وأخرى دعت إلى رئاسة جماعية ومرحلة انتقالية بعد نهاية ولاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 28 أبريل المقبل.
في حين التزمت الرئاسة والمجلس الدستوري الصمت حول اقتراح الجيش، ولم يصدرا أي بيان أو تصريح حول المقترح.
الشرعية الدستورية
ميدانياً، خرجت مسيرات حاشدة للجمعة السادسة على التوالي، مطالبة برحيل نظام بوتفليقة، وتباينت شعارات المتظاهرين بين دعم تطبيق المادة (102) من ناحية، واشتراط ذلك برحيل كل رموز النظام وعودة السلطة للشعب وفق المادة (7) من الدستور من ناحية أخرى.
ووفق التصريحات الجديدة لقائد أركان الجيش التي وردت في بيان وزارة الدفاع، السبت، فإن المؤسسة العسكرية لا تمانع في العودة إلى المادتين (7) و(8) من الدستور، ما يعد رد فعل غير مباشر على مطالب الشارع وقوى معارضة، بإزاحة رموز نظام بوتفليقة.
وتنص المادتان (7) و(8) من الدستور على مبدأ “الشّعب مصدر كلّ سلطة”، و”السّلطة التّأسيسيّة ملك للشّعب”.
وأظهر بيان وزارة الدفاع “ثبات الجيش” على مقترحه لأنه يندرج دوما ضمن إطار الشرعية الدستورية ويضع مصالح الشعب فوق كل اعتبار، ويعد الضمانة الوحيدة للحفاظ على وضع سياسي مستقر، بغية حماية البلاد من أي تطورات قد لا تحمد عقباها.
وحسب الفريق صالح، فإن غالبية الشعب الجزائري قد رحب من خلال المسيرات السلمية، باقتراح الجيش، إلا أن بعض الأطراف ذوي النوايا السيئة تعمل على إعداد مخطط يهدف إلى ضرب مصداقية الجيش، والالتفاف على المطالب المشروعة للشعب.
وتعد هذه التطورات إشارة إلى ما ورد في بعض وسائل إعلام ومنشورات في شبكات التواصل الاجتماعي، السبت، من أن مسيرات الجمعة رفضت مقترح الجيش بتطبيق المادة (102).
وأكثر من ذلك، اتهم الفريق صالح من أسماهم “ذوي النوايا السيئة” بالعمل على إعداد مخطط يهدف إلى ضرب مصداقية الجيش والالتفاف على المطالب المشروعة للشعب.
وكشف أن اجتماعاً عُقد السبت من طرف أشخاص معروفين، سيتم الكشف عن هويتهم في الوقت المناسب، من أجل شن حملة إعلامية شرسة في مختلف وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ضد الجيش وإيهام الرأي العام بأن الشعب الجزائري يرفض تطبيق المادة (102) من الدستور.
وبلهجة تحذير قال الفريق: إن كل ما ينبثق عن هذه الاجتماعات المشبوهة من اقتراحات لا تتماشى مع الشرعية الدستورية أو تمس بالجيش الوطني الشعبي، الذي يعد خطاً أحمر، هي غير مقبولة بتاتاً وسيتصدى لها الجيش الوطني الشعبي بكل الطرق القانونية.
وعقب بيان الجيش قال محسن بلعباس، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، في تغريدة على “فيسبوك”: قائد الجيش كان يشير في تصريحاته لاجتماع بين السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، وقائد المخابرات السابق الفريق محمد مدين.
وتشهد الجزائر منذ 22 فبراير الماضي مظاهرات رافضة لعهدة خامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولاحقاً رافضة لتمديد الولاية الرابعة للرئيس، مع شعارات تطالب برحيل جميع الوجوه القديمة للنظام الحالي.