تعيش بلدة كفر قاسم في المثلث الجنوبي والداخل الفلسطيني عام 48 ذكرى مجزرة كفر قاسم في الذكرى ال63، التي نفذتها العصابات الصهيونية بتاريخ 29 أكتوبر 1956م على مدخل القرية بحق المزارعين والعمال، وارتقى أكثر من 60 شهيدا وقتها.
ألم يعتصر
في هذا العام كان إحياء ذكرى المذبحة المرعبة، والألم يعتصر القلوب من دم ضحايا نتيجة العنف والقتل الداخلي، وشرطة الاحتلال تقف موقف المتفرج، ويتهم وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان الوسط العربي في الداخل بأن لديهم غريزة القتل والعدوانية التي تتم داخل بيوتهم حسب زعمه.
وطأة العنف الداخلي
البرفيسور إبراهيم أبو جابر ابن بلدة كفر قاسم يقول: “مجزرة كفر قاسم هذا العام تعيش تحت وطأة العنف الداخلي كما هو الوسط العربي، وزاد عدد الضحايا منذ بداية العام الحالي عن سبعين ضحايا، وفاق عددها عدد شهداء مجزرة كفر قاسم التي وقعت قبل 63 عاما، فالتجوال في الليل أصبح مخيفا في البلدات والقرى العربية سواء من بسبب المجرمين الذين يطلقون النار على المواطنين أو من خلال وحدات الشرطة السرية ووحدات حرس الحدود المحمولة والمشاة منها، أو مكاتب الشرطة التي تم افتتاحها ووزارة الأمن الداخلي، بدعوى محاربة الجريمة وبلباس عسكري كأننا نعيش في حكم عسكري”.
حالة إرباك وفوضى
وأضاف: “ماذا نقول لطلبة المدارس عندما نتكلم عن المجزرة والجريمة المنظمة تحصد الأرواح؟ وكيف يقتنع الطفل والطالب الذي فقد والده أو شقيقه أو جاره برصاص غادر؟
إننا في ذكرى المجزرة نعيش حالة من الإرباك والفوضى، فالدم الفلسطيني المسفوك بيد فلسطينية قد غطى على إجرام العصابات اليهودية، وأصبح الوسط العربي في الداخل بيئة حاضنة للعنف والقتل المتكرر”.
تذكير بدم الشهداء
ولفت أبو جابر: “كفر قاسم تحيي الذكرى الـ63 للمذبحة بحشد كبير للطاقات للتذكير بدم الشهداء، وحتى يكون هذا الدم منارة لنا في التعاون والتكاتف لا القتل، فالمحضرات المدرسية والوفود التي جاءت لكفر قاسم لتحيي الذكرى الـ63، بثت روح التكاتف من خلال الكلمات والمحاضرات والندوات، فشبح القتل الداخلي عالق في النفوس والقلوب.
ما زال ينادينا
مجد صرصور أحد مديري المدارس في كفر قاسم ومحرر مجلة الشروق المحلية: “ذكرى مذبحة كفر قاسم والدم الذي نزف، ما زال ينادينا لنكون على قدر المسؤولية، ونترك الخلافات الداخلية، وألا نستخدم السلاح ضد بعضنا البعض؛ فالصحافة العبرية تحرض على الوسط العربي من خلال نشر الضحايا وأن العرب لديهم إجرام داخلي، والدليل عدد الضحايا الذين يتم استهدافهم يوميا بدم بارد، مع العلم أن السلاح بيد المجرمين مصدره إسرائيلي، وعندما يكون استخدام السلاح بهدف قومي يتم كشف المنفذ في فترة زمنية قصيرة”.
طقوس وطنية وسفك دم بيد فلسطينية
المحلل السياسي توفيق محمد يقول: “ذكرى مذبحة كفر قاسم لها طقوس وطنية، وفي هذا العام اختلطت هذه الطقوس بدم سفك بيد فلسطينية، ومباركة من شرطة الاحتلال، وفي مقارنة بسيطة يمكن القول: أقل من عام على مقتل الطالبة الجامعية آية مصاروة في ملبورن والسلطات الأسترالية تتمكن من اعتقال واستجواب ومحاكمة قاتلها الحقير، وتحكم عليه بالسجن ٣٦ عاما غير قابلة للعفو إلا بعد مرور ٣٠ عاما عليه في السجن، وهنا مئات جرائم القتل ولا متهمون ولا مدانون والجريمة تزداد وتنتشر، فهل هناك من ما يزال يعتقد أن ما يحصل عندنا ليس سياسة مؤسسة تسعى لإغراقنا في دمائنا؟ فكما تم سفك دماء ضحايا مذبحة كفر قاسم بسلاح العصابات اليهودية، دماء الضحايا في الوسط العربي تسفك بسلاح جيش الاحتلال والمنفذ هذه المرة فلسطيني فقد أخلاقه وقيمه!”.
قضية سياسية
إلى ذلك قال محمد بركة رئيس لجنة المتابعة خلال إحياء الذكرى الـ63 للمذبحة: “الجرائم في المجتمع العربي قضية سياسية وليست خللا أخلاقيا، يجب منع تدفق السلاح للوسط العربي؛ فالسلاح هو سلاحهم ونحن نعرف أن مصدره منهم، ونحن أصحاب قضية، لا يمكن أن نتقدم في مسيرتنا إلا بوحدتنا، كما أننا شعب يريد أن يعيش، وشعب متمسك بأرضه متمسك بذكرى شهدائه”.
وألقى الطفل خليل محمد خليل عيسى -وهو حفيد خليل عيسى الذي أصيب في مجزرة كفر قاسم- كلمة تحدث فيها عن أن ذكرى المجزرة باقية ودعا إلى نبذ العنف والجريمة في الوسط العربي.
يشار إلى أن مجزرة كفر قاسم وقعت بعد 19 يوما من وقوع مجزرة مذبحة المركز في قلقيلية التي تبعد عنها 18كم، وارتقى أكثر من سبعين شهيدا فيها بتاريخ 10 أكتوبر 1956م، وكان التوقيت مقصودا لضرب الوجود الفلسطيني المجاور لخط الهدنة الذي كان مقرا وقتها ليفصل بين أراضي عام 48 وأراضي عام 1967م.