قال ممثل حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في لبنان أحمد عبد الهادي، إن المشهد الفلسطيني في لبنان في العام 2019 تلخّص بعدة عناوين أبرزها: إعادة تفعيل هيئة العمل الفلسطيني المشترك، والاستقرار الأمني النسبي في المخيمات، وبوحدة الموقف الفلسطيني إزاء التطورات التي تعرض لها، ومنها إجراءات وزارة العمل.
وتطرق “عبد الهادي” في حوار خاص مع وكالة “قدس برس” إلى الاحتجاجات الفلسطينية التي عمّت كل المخيمات، رفضا لإجراءات وزارة العمل اللبنانية، والأوضاع الإنسانية الصعبة التي زاد من حدتها تقليصات وكالة “الأونروا”.
وأشار إلى أن التحرك الشعبي الفلسطيني توقف مع بدء الاحتجاجات اللبنانية، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، موضحا أن القرار الفلسطيني هو الحياد.
وطالب “عبد الهادي” الأونروا والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهم تجاه النازحين الفلسطينيين القادمين من سوريا، مؤكدا أن حماس لن تألو جهدا في الاستمرار في مساعدتهم.
وأكد أن ما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون من ضغوط ومشاريع كصفقة القرن يهدف إلى تهجيرهم والتأثير على هويتهم الوطنية وعلى حق العودة.
وتمنى “عبد الهادي” أن يخرج لبنان في عام 2020 من أزمته الحالية ويحقّق الرفاهية والاستقرار، معتبرا أن ذلك سينعكس على إيجابا على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وفيما يلي نص المقابلة كاملة:
– كيف يمكن قراءة المشهد الفلسطيني في لبنان خلال عام ٢٠١٩؟ وما أبرز المحطات والأحداث التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون خلال هذا العام؟
يمكن تلخيص المشهد الفلسطيني في لبنان من خلال عدة عناوين، أبرزها: إعادة إنشاء هيئة العمل الفلسطيني المشترك، التي تضم الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية كافة، -بعد انقطاع فترة طويلة- وهذه الهيئة هي التي تقارب الملفات المتعلقة بالوجود الفلسطيني في لبنان وخصوصا على المستوى المطلبي والحقوقي، وأيضا على مستوى الأمني في المخيمات الفلسطينية بموقف وطني موحّد، حيث تم تعزيز العمل الفلسطيني المشترك مركزيا من خلال هذا الإطار، وأيضا على مستوى المناطق التي تضم كل منها هيئة عمل فلسطيني مشترك مناطقية.
أما العنوان الثاني، فهو الاستقرار الأمني النسبي في المخيمات الفلسطينية على عكس الفترات السابقة التي شهدت وضعا أمنيا غير مستقر، وخصوصا في مخيم عين الحلوة، هذا الاستقرار النسبي –وإن تخلله بعض الأحداث هنا وهناك- كان نتيجة الجهد الوطني الفلسطيني العام، والتنسيق مع الجهات اللبنانية الرسمية والحزبية الأمنية والسياسية، وأيضا بسبب تفعيلنا للأطر الأمنية في المخيمات.
ففي مخيم البداوي مثلا كان هناك القوة الأمنية وفي مخيم عين الحلوة، وكذلك في مخيمات أخرى.
وشهد العام 2019 كذلك موجة الاحتجاجات الفلسطينية التي عمت كل المخيمات، ضد إجراءات وزارة العمل بشكل غير مسبوق، ورفضا لهضم حقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية والاجتماعية.
هذا التحرك الشعبي الفلسطيني السلمي الذي توحد فيه الجهد الفلسطيني، وإن لم يحقق نتائج مباشرة، إلا أننا أسسنا أرضية في الساحة اللبنانية لدى كل الجهات في لبنان، بأن الفلسطيني لن يرضى بعد اليوم بأن تهضم حقوقه، ووصلنا مع أشقائنا في لبنان إلى تفاهم نحو تعديل قانون العمل وأيضا التفاهم حول منح الفلسطيني كامل حقوقه الإنسانية الأساسية.
كما شهد العام 2019 مزيدا من تقليصات الأونروا في مجالات الخدمات والتشغيل، ما أثر سلبا على الوضع الإنساني والمعيشي والاقتصادي للاجئ الفلسطيني، وفاقم الوضع المعيشي للاجئين أيضا، ناهيك عن إجراءات وزارة العمل الظالمة، وغياب الحقوق الإنسانية والاجتماعية، والأزمة الاقتصادية والمالية اللبنانية الحالية.
– كيف تقيم ردود فعل اللاجئين الفلسطينيين إزاء المصاعب والاستهداف التي تعرضوا لها؟
تميزت ردود الفلسطينيين بوحدة الموقف، إزاء كل الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية والمعيشية التي تعرض لها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، فقد واجهها الشعب الفلسطيني بموقف موحد من خلال هيئة العمل الفلسطيني المشترك، كما واجهها بمسؤولية عالية.
ففي الوقت الذي كنا نطالب فيه بحقوقنا وقضايانا، لم نخل بالأمن والاستقرار في المخيمات والجوار، بل كنا جزءا من هذا الاستقرار والأمن والسلم الأهلي، وتحملنا مسؤولياتنا كشعب فلسطيني، وبقينا متمسكين بحق العودة وبهويتنا الوطنية أمام كل الضغوط التي كانت تستهدف بشكل أو بآخر شطبهما، من خلال زيادة الضغط على اللاجئ الفلسطيني من أجل تهجيره وتوطينه.
– طالب الفلسطينيون في الأشهر الماضية بتسوية أوضاعهم القانونية بشكل عادل، ومع نزول الشارع اللبناني في مظاهرات تطالب بالتغيير، خفتت أصوات اللاجئين.. كيف تفسر ذلك؟
بالحقيقة كنا نسير في هذه المظاهرات بشكل منتظم أسبوعيا من خلال عدة فعاليات في كل المناطق وبتوجيه من هيئة العمل الفلسطيني المشترك، ووصلنا إلى نقاط جيدة بالتفاهم مع أشقائنا اللبنانيين، لكن مع دخول الاحتجاجات اللبنانية بتاريخ 17 تشرين الأول وبدء الأزمة اللبنانية السياسية والمالية والاقتصادية والمعيشية، بالتأكيد توقفت الاحتجاجات الفلسطينية ضد إجراءات وزارة العمل لاعتبارات كثيرة؛ فالحكومة استقالت، والوضع في لبنان أصبح صعبا للغاية، وهناك أزمة حادة، لذلك حرصنا على أن نجنب الساحة الفلسطينية والمخيمات أي تحركات حتى لا تتداخل مع التحركات الشعبية اللبنانية، لأن القرار الفلسطيني هو أن نبقى على الحياد، لأننا لا نقبل بأن يزج بالعامل الفلسطيني في أتون الأزمة اللبنانية، ولا نقبل أن يستخدم الفلسطيني في إطار الخلافات والصراعات الداخلية، إلا أن صوتنا لم يخفت رغم ذلك واستمر التواصل مع المسؤولين اللبنانيين، ولا شك أننا سنستأنف جهدنا الوطني لنيل الحقوق الإنسانية والاجتماعية لشعبنا في لبنان في أقرب فرصة سانحة.
– ماذا عن اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا والذين تزداد أوضاعهم سوءا.. ما الدور الذي تقومون به إزاءهم؟
من الأكيد أنه منذ اللحظة الأولى التي وصل فيها اللاجئون الفلسطينيون القادمون من سوريا كانت تقدم لهم مساعدات من هنا وهناك، ولكن كان لحركة حماس دور كبير ولا يزال في إطار خدمة أهلنا النازحين الفلسطينيين القادمين من سوريا، من خلال تقديم المساعدات الإغاثية وتسهيل استصدار المعاملات وغيرها من القضايا وحل الكثير من المشكلات، إضافة إلى تقديم مساعدات مادية بين الحين والآخر.
لكن جميعنا يعلم أن احتياجات أهلنا الفلسطينيين النازحين من سوريا هي أكبر من ذلك بكثير، ومن المفترض أن تقوم “الأونروا” بالدور الأساس في تقديم الرعاية لهم وتأمين احتياجاتهم لكن الأونروا مقصرة في ذلك، كما يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاههم.
ومع ذلك فنحن لم –ولن- نألُ جهدا في متابعة هذا الملف، والضغط على الجهات المعنية لتقوم بدورها إضافة لما نقوم بتقديمه نحن في هذا الاطار.
– هل تعتقد أن العام ٢٠٢٠ سيشهد انفراجة في أوضاع الفلسطينيين في لبنان؟
نرجو أن يكون 2020 عاما أفضل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بالرغم من أن الأوضاع في المنطقة صعبة جدا بالنسبة للقضية الفلسطينية عموما وعلى مستوى اللاجئين.
وكما هو معلوم، فإن ملف اللاجئين مستهدف من خلال المشروع الصهيوني الأمريكي المسمى صفقة القرن، وبالتالي فإن ذلك ينسحب على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لأن هكذا مشروع يهدف إلى تهجيرهم وتوطين جزء منهم، وبالتالي سيكون هناك المزيد من الضغوط على اللاجئين إنسانيا ومعيشيا حتى يرفعوا الراية البيضاء، ولكن ذلك لن يحصل إن شاء الله، فإرادتنا قوية وعزيمتنا صلبة، وسنبقى متمسكين بحق العودة وبهويتنا الوطنية، وسنزيد من التعاون والتنسيق مع أشقائنا في لبنان، مع الحكومة القادمة، ومع رئاسة الجمهورية، ومع رئاسة مجلس النواب، ومع الأحزاب والأصدقاء من أجل تأمين الحقوق الإنسانية والاجتماعية للاجئ الفلسطيني، حتى يعيش بكرامة، ولكي نحافظ على جذوة المقاومة في وجدان أبناء شعبنا، ولتبقى فلسطين حية وحاضرة في قلوبهم، ولتظل القدس هي بوصلتهم دائما وأبدا.
ونرجو أن يستعيد لبنان عافيته في عام 2020 وأن يخرج من هذه الأزمة، ويحقق الرفاهية والاستقرار والسلم الأهلي؛ لأن ذلك بالتأكيد سينعكس إيجابا على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.