من المقرر أن تشهد العاصمة التونسية، اليوم السبت، مسيرة ضخمة احتجاجاً على الصلف والإصرار الفرنسي على مواصلة الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم، وتعميم الرسوم على مختلف المدارس الفرنسية، وإعادة نشرها في وسائل الإعلام، ودعوة الاتحاد الأوروبي للوقوف معها ضد كل من يحتج على العدوان الفرنسي المتجدد.
الزيتونة تندد
وكانت مشيخة جامع الزيتونة المعمور قد نددت بما وصفتها بالهجمة المنظمة على مقدسات الإسلام واستفزاز مشاعر المسلمين، من خلال إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، ودعوة ماكرون لتعميمها على كافة المدارس الفرنسية، في حين شهدت عدة مدن تونسية مظاهرات غاضبة نددت بالإساءات الصادرة عن ماكرون وحكومته وأطراف يمينية متطرفة وغيرها، وطالبت بمقاطعة البضائع الفرنسية.
وتواصلت الانتقادات للموقف الفرنسي، المتطرف منذ القدم وهو ما طبع سلوكيات كل الغزاة الفرنسيين حتى في أوروبا ذاتها.
هجمة منظمة
وقالت في بيان وقعه رئيسها د. منير الكمنتر، وتلقت “المجتمع” نسخة منه: تندد مشيخة جامع الزيتونة المعمور بكل عبارات الشجب والاستنكار، الهجمة الشرسة المنظمة على مقدسات الإسلام ومشاعر المسلمين الصادرة عن الرئيس الفرنسي (مانوال ماكرون) وحكومته من خلال الرسومات الكاريكاتيرية المسيئة لنبي الأمة الإسلامية صلى الله عليه وسلم.
وتساءلت مشيخة الزيتونة، في بيانها، عن دوافع هذه الحملة المسعورة والغاية منها، ووضعت بعض النقاط الدالة التي يمكن أن تمثل إحداها أو جميعها دوافع للحملة التي يقودها الرئيس الفرنسي ماكرون، ضد الإسلام والمسلمين.
ومن بين الدوافع الذي ذكرها بيان مشيخة جامع الزيتونة المكاسب الانتخابية الرخيصة على حساب مقدسات المسلمين، أو الحقد الدفين والحسد المقيت على انتشار الإسلام في القارة الأوروبية والعالم عامة، أو محاولة استئصال الوجود الإسلامي في أوروبا، استنساخاً لفظائع “محاكم التفتيش” في القرون الوسطى.
واعتبر البيان أن الدافع الثالث هو الأرجح المناسب لتاريخ فرنسا الأسود في سجل حقوق الإنسان ومحاربة الإسلام.
ودعت مشيخة جامع الزيتونة، في بيانها، رؤساء وملوك وأمراء الأمة العربية والإسلامية أن يقوموا بواجبهم المنوط بأعناقهم تجاه رسولهم الكريم ومقدساتهم.
كما دعت رجال القانون والمحامين إلى التصدي لهذه الهجمة الشرسة، عبر القنوات القانونية لدى المحاكم الدولية.
وأهابت مشيخة الزيتونة بالشعوب الإسلامية ودعتها إلى مقاطعة البضائع والشركات الفرنسية حتى تعتذر الحكومة الفرنسية عن إساءاتها المتكررة واعتداءاتها على المسلمين ومقدساتهم.
مظاهرات شعبية
لم يكتف الناشطون التونسيون بتسجيل مواقفهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بل نظموا مسيرات احتجاج ومظاهرات في جهاتهم، وذلك أيام السبت والأحد والإثنين والثلاثاء، نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شعار “فداك يا رسول الله”.
وجابت المسيرات شوارع المدن وردد المشاركون ومعظمهم من الشباب خلالها شعارات تؤكد اعتزازهم بهويتهم الإسلامية، ونددوا بالحملة التي يقودها الرئيس الفرنسي، الذي وصفه البعض بـ”لويس التاسع” الذي ذهب في عام 1249م لغزو الشرق، لكنه وقع في الأسر في عهد السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب
وقال الباحث في الفلسفة، نور الدين الختروشي، لـ”المجتمع”: فرنسا ماكرون هي نفسها فرنسا روبسبيا (أحد غلاة الثورة الفرنسية قتل كثيرين ومات مقتولاً)، ونابليون (22 عاماً من القتل والغزو)، ومتيران (الذي علّق على مجازر المسلمين في البوسنة بالقول: لا نريد دولة إسلامية في أوروبا)، دولة دينية وديمقراطية شمولية مارست أبشع أنواع الاستعمار في الخارج ودعمت وما زالت أكثر الأنظمة استبداداً وفساداً.
وتابع: وفرنسا الاندماج أو بالأحرى الانصهار في الداخل أي فرنسا الإقصاء والميز العنصري الناعم في الداخل وفرنسا الحارسة للأصول اليهودية المسيحية لأوروبا.
وأضاف: فرنسا تبدو اليوم تتجرّد ذاتيّاً من كل مقوّمات الاندماج في عالم جديد جوهره التداخل والتثاقف بين الشعوب والحضارات، في عالم ثورة التواصل والعولمة، وولادة الإنسان التواصلي، ولعل خسرانها وهزائمها المتواترة في وسط وغرب أفريقيا وفي شمالها وجنوب الصحراء والقرن الأفريقي، كلها مؤشرات إستراتيجية على فشل الفرنسيين في إدارة العلاقة مع حلفائهم القدم، ومستعمراتهم السابقة.
وحول إصرار ماكرون على الحملة الصليبية الفرنسية، كما وصفها، رغم الاحتجاجات في العالم قال: ما تصريح ماكرون بالنهاية سوى تصعيد لذلك الفشل المزمن للفرنسيين في تقييم تجاربهم وعلاقتهم مع عالم الجنوب الذي ما زالت ترى فيه مجرّد مناطق نفوذ ومصدر للنهب المنهجي لثرواته الرمزية والمادية، وتلك محنة فرنسا القديمة والجديدة.