انطلقت، اليوم السبت، في إسطنبول فعاليات مؤتمر “أولويات القضية الفلسطينية في المرحلة القادمة ودور فلسطينيي الخارج المنشود”، بمشاركة شخصيات فلسطينية من دول مختلفة حول العالم، لبحث آليات استعادة دور فلسطينيي الخارج والفرص والتحديات التي تواجههم، وذلك من خلال جلسات مشتركة بين إسطنبول وقاعات افتراضية في دول مختلفة.
وينظم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج هذا المؤتمر، الذي من المقرر أن يناقش من خلال ندواته عدة محاور، من أبرزها: أولويات القضية الفلسطينية في ظل المرحلة الراهنة، وفلسطينيو الخارج والمشروع الوطني غياب أم تغييب، ودور فلسطينيي الخارج في المشروع الوطني الموحد.
إعادة بناء منظمة التحرير
وقال نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج هشام أبو محفوظ: إن القضية الفلسطينية تمر في أعوامها الأخيرة بمنعطفات خطيرة من أبرزها اتفاقية أوسلو التي قسمت الشعب الفلسطيني إلى الداخل والخارج، وهمشت دور الفلسطينيين في الشتات.
وأشار أبو محفوظ، خلال افتتاح أعمال المؤتمر، إلى خطورة اتفاقيات التطبيع بين الاحتلال الإسرائيلي وبعض الدول العربية على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، داعياً إلى رفض التطبيع ومواجهته.
وأكد نائب الأمين العام أهمية إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وتعزيز الجبهة الفلسطينية بمشروع وطني جامع، وإنهاء الانقسام، وإعادة بناء منظمة التحرير، واستعادة دور فلسطينيي الخارج.
وأضاف: لا بُدَّ من حراكٍ يُفضي إلى بلورة رؤية وإستراتيجية وطنية شاملة لقيادة المرحلة على أُسسٍ ديمقراطية، تحشُدُ جهود أبناء شعبنا أفراداً ومؤسسات، وتُعيدُ ترتيبَ أولويات المشروع الوطني الفلسطيني، وتواجه المخاطر التي تحدق بالقضية وتعززُ نضالات شعبنا وثباته، وتُعيدُ لفلسطينييِّ الخارج دورهم المنشود، وحقوقهم في انتخاب وتشكيل مؤسساتِهم وقيادَاتِهم، وصولاً إلى التحريرِ والعودة.
كما أكد أبو محفوظ أن العلاقة بين الداخل والخارج يجب أن تكون علاقة تكامل وتعاضد، ويجب العمل على تقوية هذه العلاقة وعدم تهميش الخارج.
وتابع قائلاً: المطلوب منَّا اليوم استثمار الحالة وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل الكلّ الفلسطيني، وأن يكون لفلسطينيي الخارج دورهم في القرار وفي المشروع الوطني حتى إفشال كل المخططات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.
الرواية الإسلامية
وأكد خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري أن المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج جسم مهم، ولا بد من الحفاظ عليه واستمراره في مهامه، وأنه لا فرق بين الفلسطينيين في الداخل والخارج.
وأشار صبري إلى أن اتفاقية أوسلو فصلت بين أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، كما طالب الفلسطينيين في الخارج بأن يكونوا سفراء فلسطين وأن يعملوا لخدمة القضية الفلسطينية.
ودعا خطيب المسجد الأقصى إلى التركيز على الرواية الإسلامية التي تؤكد حق المسلمين في القدس وفلسطين و”مواجهة الرواية الإسرائيلية واقتناع بعض الأنظمة العربية بالرواية الإسرائيلية الكاذبة”.
ولفت إلى أهمية العمل الفلسطيني الموحد والاستفادة من طاقات الشعب الفلسطيني في الخارج لتعزيز صمود الداخل.
انتخاب مجلس وطني جديد
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، قال راعي كنيسة اللاتين في غزة الأب مانويل مسلم: “القضية الفلسطينية مأساة شعب متدحرجة ومتغيّرة وتزداد انغماساً في السادية والوحشية والإرهاب المُمنهج، وتفريغاً من الإنسانية والعدالة والسلام لتصبح قضية غاب يفترس القويُّ فيها الضعيف”.
وأشار مسلم إلى أهمية أن يكون للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة مشروع وطني موحد يتم من خلاله تحديد أولويات القضية الفلسطينية، لمواجهة مشاريع “صفقة القرن” و”الضم” و”التطبيع”.
كما أكد مسلم رفض الشعب الفلسطيني لاتفاقية أوسلو أو المبادرة العربية أو الشرعية الدولية المنحازة للاحتلال الإسرائيلي قائلاً: “فلسطين ليست عقيمة حتى يحكمنا أحدهم حتى يموت، ومَنْ قرّر منهم أن يستمر قائداً يهين الشعب الفلسطيني، سنلطم وجوه من يدعوننا إلى القبول بضم القدس وصفقة القرن والتوقيع على معاهدة سلام مجحف ومذلّ لنا، وسنكمّم أفواه من يدعوننا إلى الاستسلام والتطبيع. لن نرفع الراية البيضاء ولن نوقع على صفقة القرن يا ترمب ونتنياهو ولكن سنقاوم ونوقّع بدمنا على أرضنا أن القدس وفلسطين لنا وهي عربية”.
ودعا مسلم إلى انتخاب مجلس وطني جديد يمثل الكل الفلسطيني في الداخل والشتات، ويقرر مؤسساته السياسية وينتخب رئيساً للشعب الفلسطيني ويحدد الأولويات في تحرير فلسطين وعودة اللاجئين.
قيادة جديدة
وأشار القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ماجد الزير، إلى أن عقد مؤتمر أولويات القضية الفلسطينية في المرحلة القادمة ودور فلسطينيي الخارج المنشود؛ يأتي في مرحلة حساسة وأنه ضرورة ملحة لتدارس مسؤوليات الشعب الفلسطيني وتحديد أولوياته.
وشدد الزير على أهمية البحث في آليات دعم الرواية الفلسطينية في المجتمعات الغربية في ظل تشويه الاحتلال لهذه الرواية، والتحرك السياسي الفاعل وحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.
كما أكد القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة ضرورة استعادة فلسطينيي الخارج دورهم بعد سنوات من التهميش ضمن منظومة سياسية فلسطينية تشمل الجميع، والبحث في الفرص والتحديات وتكامل دور مؤسسات المجتمع المدني والممثليات الفلسطينية الرسمية وصولاً إلى تأثير حقيقي على صناع القرار إقليمياً ودولياً.
ورأى ماجد الزير أن استنهاض طاقات وإمكانيات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، “هو من أهم مستلزمات المشروع التحرري الفلسطيني”.
وأضاف الزير في كلمته: “ندعو إلى انتخابات لفلسطينيي الخارج حيث ما أمكن ضمن توافق وطني لإخراج ممثلين يعبرون عن إرادة الشعب الفلسطيني على مبدأ احترام منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني”.
استعادة دور الأكاديمي
وقدم أ.د. أحمد سعيد نوفل شرحاً حول اتحاد الأكاديميين الفلسطينيين الذي يعتبر أحد مؤسسات المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.
وأشار رئيس اتحاد الأكاديميين الفلسطينيين إلى أنهم يعملون على تجميع إمكانيات الأكاديميين وبناء جسور التواصل بين الداخل والخارج.
ونوه نوفل إلى أن الاتحاد يعمل على دعم الأكاديمي الفلسطيني في الداخل، والتنسيق مع الجامعات الأجنبية بهدف مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك استعادة دور الأكاديمي الفلسطيني في الخارج بعد تهميشه من قبل اتفاقية أوسلو.
استعادة مركزية القضية
من جانبه، أشار رئيس منتدى الشرق الشبابي وضاح خنفر إلى وجود نافذة في الجدار الدولي ورسالة أمل في تغيير المنظمة الدولية ودعم الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار خنفر إلى أن “إسرائيل” بدأت تفقد أهميتها الإستراتيجية وهناك تراجع في الدعم لها.
ودعا خنفر الشعب الفلسطيني إلى استعادة مركزية القضية الفلسطينية لدى الأمة الإسلامية، التي يرى أنها تراجعت بسبب سياسة القيادة الفلسطينية.
ورأى خنفر في اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال أنها غير جدوى ومأساة على المطبعين، مستشهداً بالاتفاقيات السابقة، وأن الشعب الفلسطيني لايزال موجوداً والأمة مؤمنة بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.