رواندا دولة أفريقية بمنطقة البحيرات العظمى، تحدها تنزانيا شرقاً، وأوغندا شمالاً، والكونغو غرباً، وبوروندي جنوباً، وتبلغ مساحتها نحو 26 ألف كيلومتر مربع، وعاصمتها كيغالي.
كانت رواندا وبوروندي بلداً واحداً مع الكونغو، لكن الاحتلال البلجيكي اقتطع منها رواندا وبوروندي وجعلهما دولتين مستقلتين، وتمثل قبيلة هوتو 80%، وتوتسي 20% من السكان، وينتشر الإسلام بين هوتو وتوتسي بأعداد متقاربة، واللغة الرسمية الكينا روندا، والفرنسية والإنجليزية والسواحلية.
قُدِّر عدد سكانها عام 2020م بـ13 مليوناً، وعدد المسلمين بـ2.5 مليون (نحو 20% من السكان)، ويتحدثون اللغة السواحلية، ويتواجدون في العاصمة كيغالي، ونياميرامبو، وبيريوجو، ونياروكينك، وفي مدن أخرى، و60% مسيحيون، و20% معتقدات أخرى.
وقد خضعت رواندا للاحتلال الألماني لمدة 20 عاماً، من عام 1896م، ثم تلاه الاحتلال البلجيكي حتى عام 1962، وكان المسلمون في فترة الاحتلال مضطهدين؛ فمنع أبناؤهم من الالتحاق بالمدارس بأسمائهم الإسلامية، وكان لا يُسمح لثلاث أسر مسلمة بالسكن متجاورين، وكانوا يؤدون شعائرهم سراً.
المسلمون وحرب الإبادة
شهدت رواندا حرب إبادة شنتها قبيلة هوتو الحاكمة ذات الأغلبية، في 6 أبريل 1994م، ضد قبيلة توتسي، وقُتل خلال 100 يوم فقط نحو 800 ألف مواطن، وفرّ حوالي مليونين خارج البلاد، حتى تمكنت الجبهة الوطنية الرواندية، وهي حركة معارضة من توتسي مدعومة بقوات من الجيش الأوغندي من السيطرة تدريجياً على الوضع وإعادة الهدوء للبلاد، وقامت بالمصالحة الوطنية.
الرئيس أشاد بموقف المسلمين المشرف من الإبادة الجماعية ودعاهم لنشر الإسلام وقيمه وأشركهم في المناصب الإدارية
وكان للمسلمين دور إيجابي خلال الإبادة الجماعية الدموية ضد قبيلة توتسي بعدم مشاركتهم فيها، وتصديهم للمليشيات المسلحة، وتوفير الملاذ الآمن للاجئين؛ فأنقذوا الكثير من الأرواح، وساهموا في المصالحة الوطنية بعد انتهاء النزاعات؛ ما أكسبهم احترام الأغلبية المسيحية، وأعطى صورة مشرقة للمسلمين؛ فازداد عدد الداخلين في الإسلام فوصلوا ضعف ما كانوا عليه، واعترفت الحكومة بالدين الإسلامي، واعتبرت عيدي الفطر والأضحى عطلة رسمية، ومنحت المسلمين الحرية في بث البرامج الإسلامية عبر وسائل الإعلام المختلفة؛ فكانت الإذاعة تبث برامج توضح فيها تعاليم الإسلام؛ فتعرف الشعب الرواندي على الإسلام أكثر.
وقد أشاد الرئيس الرواندي بول كاغامه -الذي يتولى الحكم منذ عام 2000 حتى الآن- بموقف المسلمين المشرف من الإبادة الجماعية، ودعاهم إلى نشر الإسلام وقيمه الإنسانية، ومنحهم المشاركة في المناصب الإدارية بالدولة؛ فأصبح منهم وزراء ونواب في البرلمان؛ مثل نائب رئيس البرلمان الحالي وزير الداخلية سابقاً الشيخ موسى فاضل، خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ونائبة رئيس مجلس الشيوخ فاتو هاريرمانا، ومنهم رؤساء البلديات، وضباط كبار في الجيش والشرطة، ولهم حزب سياسي هو الحزب الديمقراطي الإسلامي.
الهيئات الإسلامية
المسلمون لهم محاكمهم الشرعية وقضاة ينظرون بقضاياهم في الأحوال الشخصية، ولهم مؤسساتهم التي تتولى شؤونهم الدينية، وهي:
– المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وهي الجهة التنسيقية المعترف بها رسمياً لدى الحكومة.
– جمعية مسلمي رواندا التي تتولى التنسيق بين الاتحادات والجمعيات الإسلامية والعمل على توحيد جهود العلماء ومتابعة القضايا المسلمين في رواندا.
– جمعية خريجي الجامعات الإسلامية، ومجلس العلماء المسلمين، ومجلس الشباب الإسلامي والجمعية النسائية والمركز الثقافي الإسلامي وجمعية الدعوة.
في رواندا نحو 650 مسجداً و155 مدرسة ابتدائية و60 ثانوية وهي أقل كثيراً من المطلوب
ويصل عدد المساجد في رواندا نحو 650 مسجداً، و155 مدرسة ابتدائية، و60 مدرسة ثانوية، وهي أقل كثيراً من المطلوب.
ورواندا اليوم بيئة خصبة للدعوة الإسلامية تحتاج إلى الدعاة المتخصصين الذين يجيدون اللغات المحلية، وتحتاج كذلك للدعم المالي لإقامة المساجد والمدارس الإسلامية؛ فالدولة تسمح بممارسة الأنشطة الدينية لكافة الأديان بحرية، وإنشاء دور العبادة والمدارس الدينية، غير أنها لا تموّل أي نشاط ديني للمسلمين أو غيرهم؛ نظراً لأنها دولة علمانية.
________________________________________________________
1- أوضاع الإسلام والمسلمين في رواندا (الفرص والتحديات)، وثيقة أعدت من قبل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية- المكتب العام، بتاريخ 20/1/2017م.
2- الشيخ موشومبا يونس وآخرون: جهود العلماء الأفارقة في خدمة المذاهب الفقهية؛ علماء رواندا نموذجاً، مجلة العلماء الأفارقة، السنة الأولى، العدد الأول، صفر 1441هـ/ أكتوبر 2019م.
3- بيرت إنغلاير: محاكم الغاتشاتشا في رواندا بحث ضمن كتاب: العدالة والمصالحة التقليديتان بعد الصراعات العنيفة، التعلم من التجارب الأفريقية، ترجمة: نايف الياسين، المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2017م.