فتيات وشباب مروا بظروف قاسية أثناء الطفولة، وتعرضوا للعنف والتحرش المتكرر؛ فصاروا يطلبون العنف عند كبرهم، ويستمتعون عندما يؤذيهم أحد أو يؤلمهم أو يهينهم، سواء في الحياة والعلاقات أم لو كانوا متزوجين من خلال العلاقة الخاصة بين الزوجين.
وصارت هناك مواقع بالنت تقدم هذه الخدمة، وهي خدمة الإيلام والإهانة والإيذاء لمن يطلبها حتى يستمتع، وسأذكر لكم الآن ثلاث قصص لأشخاص دخلوا مواقع إلكترونية يسألون عن سبب طلبهم للإيذاء والألم..
القصة الأولى لرجل أكاديمي ذي منصب اجتماعي عال يستشير المختصين في الموقع في سبب شعوره بالراحة عندما يؤذي نفسه يوميا، والموقع يجيبه على تساؤله، ويقدم له خدمة إيذائه ليستمتع.
والثانية لطبيب يرغب أن تضربه زوجته أثناء العلاقة حتى يشعر بالراحة؛ فيطلب من الشخص الذي يتواصل معه من خلال النت أن يشبع رغبته هذه.
والثالثة لفتاة متعلمة ومثقفة وذات منصب إداري تؤذي نفسها باستمرار وتتمنى من يقوم بضربها كلما شعرت بالضيق، وجدت حل مشكلتها بهذا الموقع الذي تتواصل معه ليؤذيها ويهينها فتشعر بالراحة.
هؤلاء كلهم حياتهم الطبيعية جيدة جدا وناجحون بأعمالهم لكن مروا بظروف أثناء طفولتهم؛ فاحتاجوا للتفريغ عبر إيذاء أنفسهم بالضرب والشتم.
ومرت علي حالات أخرى لبعض الزوجات غير سعيدات مع أزواجهن؛ لأن أزواجهن لا يعاملونهن بعنف، إن هؤلاء يعانون من مشكلة تسمى “السادية المازوخية”، والشعور الذي يرغبون أن يشعروا به له امتداد تاريخي لهم من أيام الطفولة وهو وضع غير صحي وغير طبيعي، ومن يشعر بهذه المشاعر لا بد من علاجه؛ لأن الأصل في الإنسان أن يكون سعيدا لمن يحترمه ويقدره وليس لمن يهينه ويضربه.
إن “السادية” اضطراب نفسي موجود منذ قديم الزمان، لكن الجديد في الموضوع أنه الآن صار في مواقع على النت توفر خدمة التعامل العنيف مع هؤلاء لا من أجل علاجهم، وإنما من أجل التحكم بهم، والسيطرة على حياتهم؛ فيدخل السادي إلى الموقع، ويتعرف على شخص يكون هو المسؤول عن تعنيفه وإذلاله وإيلامه؛ فيستمتع بالألم، ثم يبدأ مسلسل التحكم به، والسيطرة على حياته وماله وعلاقاته.
هذه الظاهرة الإلكترونية منتشرة في البلاد الأجنبية، والآن بدأت تنتشر بقوة في دولنا.
وللسادية أسباب كثيرة، من أبرزها أن يكون الشخص تعرض في صغره لتحرش متكرر، أو ضرب عنيف، أو اضطهاد، أو عاش ببيت فيه مشاكل عنف كثيرة بين الأبوين أو مشاهدة ظلم الأم وضربها.
وكثير من الشباب والفتيات يدخلون المواقع والحسابات من أجل الدردشة العادية في الهوايات والأكل والسفر وأمور الحياة والحديث عن الأهل والعلاقات، ثم يبدأ الشخص يشعر أن من يدردش معه حريص عليه وعلى مصلحته، ويخاف عليه حتى يتملكه ويتعلق به، ثم يبدأ بإعطائه أوامر سهلة، ثم تتزايد الأوامر حتى يكون الشخص تحت تصرفه، وبعدها يتم طلب العلاقة العنيفة، وبعضهم حتى يتحكم به يرسل له رابطا فعندما يفتحه يهكر هاتفه، ويسحب صوره وكل معلوماته، ثم يبدأ يستفزه ويهدده حتى يستجيب له، ويكون ضحية شخص سادي أو عنيف، ثم يرسل له رابطا و”يهكر” هاتفه، ويدخل على صوره، ويبدأ مسلسل التحكم والاستغلال.
فالمواقع والحسابات هذه إما تتعامل مع شخص سادي يذهب لها مباشرة أو هم يتعرفون على أشخاص طبيعيين، ويحولونهم لأشخاص ساديين من خلال وسائلهم الذكية في التحكم بالآخرين بأسلوب “الهكر” والتهديد أو غيره.
وهذه المسألة لا بد أن يتم توعية أبنائنا وأحبابنا بها لأنها بدأت تنتشر، ولا أريد أن أذكر اسم المواقع، ولكن المهم أن ننشر المعلومة ليستفيد القارئ ولا يقع في حبال هؤلاء الساديين.
—–
* المصدر: الحساب الشخصي للكاتب على “فيسبوك”.