1- وفاة الحجاج بن يوسف الثقفي
الحجاج بن يوسف الثقفي هو أبو محمدٍ الحجاج بن يوسف بن أبي عقيلٍ بن الحكم الثقفي، وقد كان اسمه كليب، ثم أسمى نفسه الحجاج، أما أمه فهي الفارعة بنت همامٍ بن عروةٍ بن مسعود الثقفي([1])، وقد كان للحجاج بن يوسف الثقفي مكانةً متميزةً بين أعلام الإسلام، تبعاً لملكاته ومواهبه في القيادة والإدارة، فلم يكد يخلو كتابٌ من كتب التاريخ إلّا وذُكر به، ولم يشتهر الحجاج بقدرته على القيادة فحسب وإنما علت شهرته بنسب المظالم إليه، حيث اعتبره العديد من المؤرخين مثالاً على الظلم، والتجبر، والطغيان، والاستبداد، فقد روي عنه الكثير من المفاسد وحبه لسفك الدماء، الأمر الذي أدّى إلى ضياع محاسنه وسط هذه الانتقادات، وقد كان للحجاج عددٌ قليلٌ من المؤرخين المنصفين له، ويمكن القول أنه وبالرغم من طغيان الجانب المظلم على سيرته، إلّا أنه يوجد جانبٌ مشرقٌ يتمثل في إنجازاته العديدة في التاريخ الإسلامي.
مولده ونشأته
ولد الحجاج في مدينة الطائف في عام 41هـ أي 661م، ونشأ في بيتٍ كريمٍ من بيوت ثقيف، وكان لنشأته في الطائف أثرٌ كبيرٌ على فصاحته، حيث إنه كان يتصل بقبيلة هُذيل وهي من أفصح قبائل العرب؛ الأمر الذي جعله خطيباً بليغاً، كما حفظ الحجاج على يد والده القرآن الكريم، وكان يتردد باستمرارٍ على حلقات العلم التي كان يعقدها الصحابة والتابعين، مثل أنس بن مالكٍ، وعبدالله بن عباس، وقد عمل الحجاج في بداية حياته معلّماً للصبيان يُعلمهم القرآن الكريم كما كان يعمل والده، ولم يكن الحجاج يتقاضى أجراً على ذلك.
نبذة عن حياته وولايته
بدأ الحجاج طموحه السياسي من بلاد الشام، على الرغم من بعدها عن مدينة الطائف، وعندما وصل الشام التحق بشرطة إمارتها التي كانت تعاني من مشاكل عديدةٍ؛ أهمّها سوء التنظيم، وعدم الالتزام بالنظام، وقلة عدد المجندين، مما أدى به إلى إبداء التزامه، وإظهار قوته وعزيمته، وسرعان ما بدأ يُنبّه أولياء الأمر إلى الأخطاء الواقعة، وقد رأى فيه قائدُ الشرطة روح بن زنباغ صفات القائد الفذّ فمنحه مكانةً مرموقةً، وعمل على ترقيته ليصبح فوق أصحابه، وقد كان الحجاج شديداً يُعاقب مرؤوسيه لأدنى خللٍ أو خطأ، وانتهى الأمر بطاعتهم لأولياء الأمر طاعةً مطلقة، ثم قدم قائدُ الشرطة الحجاجَ إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، فما كان من الحجاج إلّا أن حمى الدولة الأموية من السقوط وأسّسها من جديد، وقد سيّر عبد الملك بن مروان الجيوش لمحاربة الخارجين عن الدولة بقيادة الحجاج الذي كره ولاية الزبير وهبّ لمحاربته، وعندما علم الحجاج بعدم رغبة أهل الشام بالخروج في الجيش أمهلهم ثلاثة أيامٍ فقط فمن لم يخرج يقتله، ويحرق بيته، ويأخذ ماله، وبالفعل بدأ الحجاج بالسير بين البيوت حيث قتل أحد المتخلفين عن الجيش، فخرج معه الأغلبية بالإجبار.
بعض إنجازاته
من إنجازات الحجاج قيامُه بالعديد من الإصلاحات خلال فترة ولايته على العراق، وقد اشتملت الإصلاحات على مختلف نواحي الحياة الصحية، والاجتماعية، والإدارية، فقد ساعد على تعريب الدواوين، وأصلح العملة، واهتمّ بالفلاحين، وأصلح الأراضي الزراعية، ووفر الحيوانات التي تقوم بالحراثة لمساندة المزارعين وتشجعيهم على الاستمرار في الزراعة، وقد أمر الحجاج بقتل الكلاب الضّالة، كما منع التغوّط في الأماكن العامة، ومنع بيع الخمور، وأمر بعدم النّواح على الموتى في البيوت، وبنى الجسور على الأنهار في العراق، وأقام الصّهاريج لتخزين مياه الأمطار بالقرب من البصرة بهدف توفير المياه للقوافل المارّة، كما أمر بحفر الآبار في المناطق المقطوعة لتوفير مياه الشرب للمارّة.
نهايته
مرض الحجاج في نهاية حياته مرضاً شديداً وغريباً، وقد ذكر المؤرخون اسم هذا المرض بالأكلة، والذي أصاب بطنه، وعندما دُعي الطبيب لينظر إليه أخذ لحماً وعلقه في خيط، ثم وضعه في حلقه لمدة ساعةٍ، وعندما أخرجه وجده وقد علق به الكثير من الدود، كما سلط الله على الحجّاج البرد الشديد المعروف باسم الزمهرير، حتى أن النار كانت تمس جلده من الكوانين (المواقد) المشتعلة حوله ولم يكن يشعر بالحرارة أبداً، وعندما شكى الحجاج ما يحدث له إلى الحسن البصري كان رده عليه أنه قد نهاه عن التعرض للصالحين إلاّ أنه أعرض وأبى، أما رد الحجاج على الحسن البصري فكان أنه لا يريد منه دعاء الله بالتفريج عنه، وإنما أن يدعو الله أن يعجّل في موته ولا يطيل عذابه، وقد بقي الحجاج مريضاً لمدة خمسة عشر يوماً، وتوفي في الحادي والعشرين من رمضان سنة 95هـ في مدينة واسط ودُفن بها، ويُقال في بعض المصادر أنه توفي في شهر شوال، عن عمرٍ يُناهز أربعاً وخمسين عاماً. ([2])
2- وفاة السلطان عثمان الأول
في اليوم الـ 21 من رمضان سنة 726هـ الموافق 28 أغسطس1326م، توفي السلطان العثماني عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية، واسمه عثمان خان الأول بن أرطغرل بن سليمان شاه القايوي التركماني، خلفه في الحكم على عرش السلطنة العثمانية ابنه أورخان، كان عثمان الأول زعيم عشيرة قايى التُركيَّة وعامِل سلاجقة الروم على إحدى إمارات الثُغور الأناضوليَّة ومُؤسس السُلالة العُثمانيَّة التي أسست الدولة العثمانية وحكمت الأناضول والبلقان والمشرق العربي وشمال إفريقيا قرابة 6 قرون، وُلد عُثمان الأوَّل سنة 656هـ المُوافقة لِسنة 1258م، للأمير أرطُغرُل الغازي، عامِل سلاجقة الروم على أحد الثُغور المُطلَّة على بحر مرمرة، وحليمة خاتون الأميرة السلجوقية، وكان ميلاده قريباً من زمن اجتياح المغول لبغداد عاصمة الدولة العباسية، وتولّى عثمان شؤون الإمارة وزعامة العشيرة بعد وفاة والده، لصالح السلطنة السلجوقية الرومية، وهاجم الثغور البيزنطية وفتح عدة حصون، وحين تغلَّب المغول على سلاجقة الروم وقضوا على دولتهم، سارع عُثمان إلى إعلان استقلاله عن السلاجقة، فكان بذلك المُؤسس الحقيقي لدولةٍ تُركيَّةٍ كُبرى نُسبت إليه فيما بعدُ “الدولة العثمانية”، وتوفي عثمان بسبب مرض النقرس عام 1324 ميلادية، حيث قضى في السلطنة ما بين 26 و27 عاما، ودفن في سوغوت، ولكن وبعد أن تم فتح مدينة بورصة، تم تنفيذ وصيته ودفن فيها.
_______________________________________________
[1] – “الحجاج بن يوسف الثقفي” – زينب فاضل مرجان (2013-3-5)
[2] – “الحجاج بن يوسف الثقفي مواقف من حياته دماء وعطاء” – أمير بن محمد المدري صـ 97-100..