أعلنت الحكومة الموريتانية، نهاية يونيو الماضي، أن 2022 ستكون سنة زراعية بالبلاد، في محاولة لتحقيق اكتفاء ذاتي من الحبوب مع استمرار تصاعد المخاوف العالمية من أزمة غذاء جراء تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.
ودعا الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، في أكثر من تصريح صحفي على مدى الأسابيع الماضية، جميع الوزارات والقطاعات الحكومية للمشاركة في حملة زراعية بكافة أنحاء البلاد.
وخصصت السلطات عشرات الحافلات والسيارات لنقل مئات المزارعين من المدن الكبرى، خصوصاً نواكشوط إلى أماكن حقولهم الزراعية، ضمن خطة تشجيع الزراعة، كما تم توزيع المعدات الزراعية والبذور على جميع المزارعين في البلد.
وأكد الرئيس، في خطاب بثه “التلفزيون الرسمي”، في يوليو، أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الغذائي لم يعد مجرد خيار إستراتيجي، بل أصبح أكثر إلحاحاً وضرورة لازمة؛ كونه مسألة سيادة وأمن.
ووفق معطيات خبراء اقتصاديين، تستورد موريتانيا حالياً 60% من حاجتها من المواد الغذائية من الخارج، فيما تصل نسبة الفقر 31% في البلد العربي الواقع في غرب أفريقيا والبالغ عدد سكانه نحو 4 ملايين نسمة.
خطة الاكتفاء الذاتي
ووفق تصريحات لوزير الزراعة آدم بوكار سوكو، فإن السلطات تخطط السنة الحالية لتغطية 47% من حاجياتها من الحبوب، على أن تعمل مستقبلاً لتحقيق اكتفاء ذاتي في هذا المجال.
وأشار إلى أنه يتم التخطيط هذه السنة لزراعة 4000 هكتار من القمح، و80000 هكتار من الأرز، و8000 هكتار من الخضراوات، فضلاً عن تأهيل حوالي 15000 هكتار من واحات النخيل لتغطية نسبة 55% من حاجات البلاد من التمور.
وتقول الحكومة: إن الأنشطة الزراعية المبرمجة هذا العام ستمكن من خلق أكثر من 52 ألف فرصة عمل واستفادة أكثر من مليون و600 ألف مواطن بشكل غير مباشر من الأنشطة الزراعية.
هدف بعيد المدى
ورغم تأكيد الحكومة أن بإمكانها تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال الحبوب، بما فيها القمح، فإن الكثير من المختصين يرون أن صعوبات كثيرة ستواجه السلطات في هذا المجال خاصة في مجال زراعة القمح.
الخبير الزراعي محمد محمود سيدين، يقول: إن السلطات عمدت إلى إدخال زراعة القمح في المنظومة الزراعية منذ العام 2014، لكن واجهتها عوامل متعددة للنهوض بهذا النوع من الزراعة حالت دون المساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأكد أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح حالياً يعتبر هدفاً بعيد المدى، في ظل غياب مراكز للبحث والإرشاد والتطوير في مجال هذه الشعبة المهمة.
لكنه أشار، في المقابل، إلى أن تجربة زراعة القمح لأول مرة سنة 2014 يمكن الاعتماد على نتائجها من أجل تطوير وتوسيع زراعة هذا المحصول الإستراتيجي من أجل المساهمة في الجهود الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في السنوات المقبلة.
معوقات زراعة القمح
ونبه الخبير الزراعي إلى أن هذا المحصول (القمح) لم يكن معروفاً لدى المزارعين الموريتانيين، حيث ظلت زراعته تشهد العديد من المعيقات، أهمها عدم توفر الخبرة الكافية لدى ممارسي زراعة القمح.
ولفت إلى أن من بين المعيقات أيضاً عدم وجود أصناف ملائمة مع العوامل المناخية المحلية من نوعية التربة وكذلك درجات الحرارة.
ولا تتوفر أرقام دقيقة عن حجم إنتاج موريتانيا من الحبوب، وخصوصاً القمح، لغياب إصدارات بانتظام من طرف الجهات المعنية، كما لا تتوفر أرقام حكومية عن حجم واردات البلاد من القمح.
لكن وبحسب بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية، فإن قيمة واردات موريتانيا من القمح الأوكراني تجاوزت 15.64 مليون دولار أمريكي خلال عام 2020.
والعام الحالي أعلنت موريتانيا أنها استوردت 100 ألف طن من القمح مخصصة للبرامج الاجتماعية للدولة، لكن لم تعلن تفاصيل بشأن الكميات التي استوردها التجار الخصوصيين.
ووفق منظمة الأغذية الزراعية (الفاو)، تستورد موريتانيا سنوياً قرابة 340 ألف طن سنوياً من القمح، وهي الكمية التي تعتبرها المنظمة غير كافية لسد حاجيات البلاد، مشيرةً أن حاجياتها من القمح لسنة 2020 -2021 بلغت 580 ألف طن.
ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن موريتانيا تعتمد بشكل كامل على القمح الروسي والأوكراني، وذلك بنسبة 80 من الأول و20% من الثاني، ما يعني أنها من بين الدول الأفريقية الأكثر تضرراً من تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.