يوافق اليوم الإثنين الذكرى الـ22 لاستشهاد القائدين في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جمال سليم، وجمال منصور.
ففي 31 يوليو 2001م، قصفت طائرات الاحتلال الصهيوني المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام؛ ما أدى إلى استشهاد الجمالين مع عدد من موظفي المركز، ليتوجا بالشهادة حياة عامرة بالجهاد والمقاومة والتضحية سعيًا إلى تحرير الأرض والمقدسات، وفق بيان لـ«حماس».
تقول «حماس»: كان الاسم (جمال) نقطة التقاء القائدين منصور، وسليم، وكان العمل الوطني والانتماء للفكرة ذاتها، وللمنهج ذاته نقطة التقائهما، فشكلا صورة نابلس جبل النار في ثوريتها وعنفوانها ومقاومتها، حتى سعى الاحتلال جاهدًا إلى اغتيالهما، متوهمًا أن استشهادهما قد يوقف مسيرة المقاومة.
جمال منصور.. مصمم شعار «حماس»
وُلد جمال منصور في مخيم بلاطة القريب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، في 25 فبراير 1960م، وعاش طفولته في منزل بسيط من منازل المخيم، وفي مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أتمّ دراسته الابتدائية والإعدادية، ومنها إلى الثانوية، فالجامعية في جامعة النجاح، حيث حصل على درجة البكالوريوس في المحاسبة والعلوم الإدارية.
وبعد انتهاء من دراسته الجامعية منعه الاحتلال من السفر إلى الخارج لإكمال تعليمه في الدراسات العليا لـ«أسباب أمنية»، تزوج عام 1996م وأنجب 3 أبناء، وعمل محاسبًا في عدة وظائف حتى انتقل إلى العمل الإغاثي، فافتتح فرع نابلس للجنة الإغاثة الإسلامية لإغاثة الأيتام والفقراء والمحتاجين، وكان مسؤولًا عنها.
كما أسس مكتب نابلس للصحافة والإعلام، ولكن الاحتلال أغلقه، فأسس مكتبًا للأبحاث أغلقته السلطة الفلسطينية بعد اعتقاله في عام 1997م، وكانت آخر المؤسسات التي أسسها الشهيد منصور «المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام».
انضم منصور في وقت مبكر من حياته إلى جماعة الإخوان المسلمين، إذ يعتبر من جيل التأسيس في حركة «حماس»، وبرز دوره مع بداية انتفاضة الحجارة عام 1987م، فترأس الكتلة الإسلامية أوائل الثمانينيات في جامعة النجاح لثلاث دورات، كما أسس مع مجموعة من القيادات الطلابية إطارًا نقابيًّا على مستوى الوطن باسم الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين ومقره القدس.
لمع نجمه في وسائل الإعلام بعد إبعاده إلى جنوب لبنان عام 1992م، ثم اختياره متحدثًا باسم حركة «حماس» في الضفة الغربية، فرئيسًا للوفد الذي ذهب للحوار مع السلطة الفلسطينية قبل اغتياله.
اعتقل منصور خلال مدة دراسته وفي أثناء انتفاضة الحجارة 24 مرة، معظمها كان اعتقالًا إداريًا، حيث اعتقل عام 1995م وخضع للتحقيق مدة 3 أشهر ونصف شهر متواصلة في سجن عسقلان.
أبعد إلى مرج الزهور جنوب لبنان مع عدد كبير من أبناء الحركة الإسلامية الذين كانوا معتقلين في سجون الاحتلال عام 1992م، وخلال مدة الإبعاد أصبح منصور عضوًا في اللجنة القيادية للمبعدين، وترأس اللجنة الإعلامية ولجنة العلاقات العامة خلالها.
كما اعتُقل لدى السلطة الفلسطينية خلال حملة شنتها السلطة في عام 1996م، حيث أمضى في السجن مدة 3 أشهر، ثم أُطلق سراحه، إلى أن أُعيد اعتقاله هو وعدد كبير من أبناء الحركة عام 1997م، وأمضى في سجون السلطة 3 أعوام، ليطلق سراحه عام 2000م.
استطاع منصور ومن خلال سجنه أن يطور نفسه ويكتشف طاقاته ومواهبه، حيث أبدع في الرسم، وهو أول من رسم شعار حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقد ألّف منصور العديد من المؤلفات، منها: كتاب «التحول الديمقراطي الفلسطيني من وجهة نظر إسلامية»، وكذلك كتاب «أجنحة المكر الثلاث»، وله العديد من المنشورات والدراسات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وكان بارعًا في الكتابة، فكتب الكثير من التقارير والمقالات لعدد من الصحف والمجلات.
جمال سليم.. الخطيب المفوّه
وُلد جمال سليم في مدينة نابلس بالضفة المحتلة عام 1958م، درس الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث، والثانوية في المدرسة الصلاحية في نابلس، ثم سافر إلى الأردن ملتحقًا بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية، حتى حصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة عام 1982م.
عاد إلى فلسطين ليعمل مدرسًا لمادة التربية الإسلامية في المدرسة الثانوية الإسلامية في نابلس، كما حصل عام 1996م على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة النجاح الوطنية بنابلس.
التحق سليم بصفوف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد تأسيسها عام 1987م، واشتهر بخطاباته ومحاضراته في مساجد مدينة نابلس.
وبعد أن اختير أمينًا لسر لجنة التوعية الإسلامية وأمينًا لسرّ رابطة علماء فلسطين في نابلس، وعلى خلفية انتمائه لحركة «حماس»، أبعدته قوات الاحتلال إلى مرج الزهور في جنوب لبنان عام 1992م، مع مئات من عناصر الحركة الإسلامية وقياداتها.
وحول تجربة الإبعاد قال سليم: «إن الإبعاد يمثل ملحمة بطولية صمودية حقيقية للذين مثلوا الشعب الفلسطيني، وأعطوا صورة للثبات والصبر والإيمان بحتمية العودة رغم صور العقلية الهمجية للصهيونية البشعة التي استهدفت تفريغ الأرض عبر سياساتها البائسة التي فشلت في إطفاء جذوة الانتفاضة».
ترأس سليم العديد من اللجان والفعاليات، خاصة بعد اندلاع «انتفاضة الأقصى»، في سبتمبر 2000م، وكان من الأعضاء المؤسسين للجنة «التنسيق الفصائلي» في محافظة نابلس، التي كان من أهم أهدافها تنسيق المواقف بين المقاومة الفلسطينية بمختلف تياراتها في الميدان.
يعتبر سليم أن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي لب الصراع العربي الصهيوني، وتجسيدًا لمأساة شعب، دُمّر من قراه أكثر من 530 قرية، واعتبرها أطول جريمة ضد الإنسان الفلسطيني، وقضية متوارثة لا تموت طالما بقي فلسطينيون يتوالدون ويتناسلون.
وأصدر نشرتين بعنوان «هدى الإسلام»، و«من توجيهات الإسلام»، وكانت رسالة الماجستير التي قدمها بعنوان «أحكام الشهيد في الإسلام».