يعاني التعليم بالعالم العربي العديد من الأزمات بسبب السياسات الخاطئة المتراكمة خلال سنوات طويلة، ويتحدث الواقع عن ضعف المخرجات التعليمية بالدول العربية، وتخريج دفعات من المتعلمين غير قادرة على عمل إضافة لمجتمعاتها؛ وبالتالي تهدر طاقات شابة كانت منوطة بالنهوض بالبلاد.
فالتعليم يغلب عليه الجانب النظري دون العملي، ومناهجه تقليدية، وتكرّس عملية الحفظ دون الفهم؛ مما يضعف من فرص تدريب المتعلمين على مهارات مختلفة، مثل فهم المشكلات وحلها، ومواجهة المواقف المستجدة، والتشجيع على المبادرة الشخصية، فالتعليم بالعالم العربي مبنيٌّ على تذكر المعرفة وليس إنتاجها، ونظامه نمطي، ولا يلبي احتياجات سوق العمل، كما أن المدارس بالعالم العربي، في أغلبها، تفتقر للبنية التحتية اللازمة للتحصيل العلمي الجيد الذي يواكب العصر؛ من معامل وأدوات ووسائل تكنولوجية حديثة.
بالإضافة إلى أن المنظومة التعليمية العربية يغيب عنها التنسيق والربط بين نوعية التعليم في المدارس، ومتطلبات التنمية الحديثة.
ورغم حجم الإنفاق على التعليم المرتفع نسبياً من قبل العديد من الحكومات العربية، فإنه لم يؤت ثماره، ولم ينعكس إيجاباً على المنظومة التعليمية؛ بسبب غياب الشفافية، وقواعد الحوكمة، والمساءلة.
ولكي ننهض بالعملية التعليمية بالعالم العربي، علينا أن نعمل على زيادة الإنفاق العام على التعليم، واعتماد مبادئ الحوكمة والشفافية، وإعادة النظر في المناهج التعليمية والعمل على تطويرها، واعتماد طرق التدريس الحديثة، وتجهيز المؤسسات التعليمية بالبنية التحتية المناسبة من مرافق ومعامل ومعدات، وترسيخ مبدأ الحرية الأكاديمية مما يظهر الإبداع والتفكير والتنوع، والاهتمام المادي والمعنوي بعناصر العملية التعليمية.
وقبل كل ذلك، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية لتنفيذ تلك المتطلبات للارتقاء بالتعليم في العالم العربي.. فالرؤى كثيرة، ولكنها تحتاج إلى إرادة.