في هذه القصيدة من «الشعر الحلمنتيشي» تظهر المفارقة التي عمد الإسلام إلى ترسيخها في نفوس المسلمين عبر التحول في الشخصية من أقصاها إلى أقصاها التي لا تتشكل في الشعور الوجداني فقط، وإنما تنسحب أيضاً على كل مظاهر حياة المسلم، فالناس معادن، يحتاجون إلى تحديد البوصلة.
وبالرغم من كتابة القصيدة قبل 13 عاماً ونشرها في ديوان «الوجه الآخر للنكرة»، فإنها قد تكون مناسبة هذه الأيام في ظل طوفان النصرة الذي يحتاجه الأهل في غزة.. تقول القصيدة:
يوماً نزلت إلى شوارع غزة
(كَجْوَلت) نفسي إذ نزلت ب (كابي)
ولبست (شيرتا) فوق (جينزٍ) (جامدٍ)
لم أنس قط سجائري وثقابي
و(بهاندباجي) قد حملت عصائري
(بیبسي گانزي مزتي) أنخابي
ومشيت تمضغني (اللبانة) وانتبه
هذي (اللبانة) شيمة الأغراب
لما نزلت إلى شوارعها بكت
فرأيت أدمعها تبل ثيابي
قالت وكان الدمع ينسج بعضه
من في البرية قد يصاب مصابي
الأمس ضيعه الجدود بخلفهـم
واليوم أخشى أن يضيع شبابي
يا أنت قف إن الدموع هواطل
على بدمعي أستلذ شرابي
لا تسقني كأس الحياة بذلة
بل فاسقني بالعز كأس عذابي
سكتت فكان الصمت أبلغ ناطق
نظرت إلى فحطمـــــــت أعــــــصـابي
واستصرخت بالدمع ما من عبرة
إلا وسالت تـستحث جوابي
فأجبت لا بالقول: إن كرامتي
تأبى إجابة قائل متصابي
فجعلت من (كابي) شريط مقاوم
ووضعت في (شيرتي) الجميل حرابي
وجعت (جينزي) فوق جلدي حافظاً
لن يغني لكن آخذٌ أسبابي
وسجائر الموت التي فارقتها
ستظل تندب في الجهاد غيابي
و(بهاندباجي) قد حملت ذخائري
سيفي ورمحي مصحفي وكتابي
ومشيت كالليث الغيور مزمجراً
هذى لعمرى مشية الأحباب
لما نزلت إلى شوارعها بكت
فرأيت أدمعها تبل ثيابي
قالت وكان الدمع يغزل بعضه
هذي دموع الفرح لا التنحاب
اليوم حررت البلاد وأرضنا
ستعود رغم مُصابكم ومصابي