للعمل الخيري في الكويت جذور عميقة ضاربة في التاريخ، فهو تراث الأجداد وإنجازات الآباء وتطلعات الأبناء، وهو فوق ذلك مفخرة لكل كويتي ينتمي إلى هذا البلد الطيب.
وقد تواصلت عجلة العمل الخيري الكويتي في الداخل والخارج، وحققت إنجازات ضخمة تعجز عنها أجهزة حكومية في بعض الدول.. فعلى الساحتين الآسيوية والإفريقية وفر العمل الخيري الكويتي التعليم لأكثر من نصف مليون نسمة، وكفل ما يربو على خمسين ألفاً من الأيتام ووفر لهم التعليم والغذاء والكساء، وفتحت اللجان الخيرية الآلاف من المساجد ودور الرعاية الصحية وحفرت عشرات الآلاف من الآبار لتوفير المياه في مناطق الجفاف والمناطق النائية البعيدة عن الأنهر، وساعدت عشرات الآلاف من اللاجئين والمهجرين في أوقات الكوارث والمحن وفتحت دور العلم إلى المستوى الجامعي واستطاعت بهذه الأعمال أن تواجه النشاطات التنصيرية التي تنفق عليها ميزانيات ضخمة حيث اعتنقت قبائل عدة وعائلات كثيرة الدين الإسلامي الحنيف، مما أثار ضغينة المنصرين وأعوانهم، وجعلهم يناصبون العمل الخيري الإسلامي العداء.
وعلى المستوى العربي أيضاً كانت هناك إسهامات وافرة في فلسطين ولبنان والأردن والسودان والصومال، وحتى في مصر؛ حيث بنى العمل الخيري الكويتي أكثر من 600 وحدة سكنية لضحايا السيول، وفتح المدارس والمعاهد والمساجد في الريف المصري.
وفي داخل الكويت وفرت الجمعيات واللجان الخيرية التعليم لآلاف الطلبة من خلال مدارس خيرية لا ربحية، وقامت بتوزيع المعونات الشهرية المقطوعة لما لا يقل عن 50 ألف حالة.
وقد لمس المسؤولون الكبار في الكويت فوائد العمل الخيري وأشادوا به، ونقلوا أنهم في كل بلد يزورونه يطل عليهم العمل الخيري الكويتي بمنشآته ودعمه للأقطار الإسلامية الفقيرة والجمعيات واللجان الخيرية تثمن موقف المسؤولين وبشكل خاص موقف نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الشيخ محمد الصباح، والشيخ أحمد الفهد، وزير الإعلام، وإخوانهم الوزراء الأفاضل، في الوقوف إلى جانب العمل الخيري وهم المطلعون على الأمور في الداخل والخارج ورد المتصيدين والمتربصين به الدوائر.
وقد كان لهذا الموقف الكريم أطيب الأثر في حفز الجمعيات واللجان الخيرية على بذل المزيد من الجهد لخدمة قضايا المسلمين.
ومما هو ثابت ومعروف أن العمل الخيري يحتفظ بسجلات وحسابات مدققة ترسل سنوياً لوزارة الشؤون الاجتماعية، وتتعاون الجمعيات الخيرية في ذلك مع الجهات الرسمية، وستبقى متعاونة بإذن الله في سبيل أن ينمو ذلك العمل ويمتد أكثر وأكثر في سبيل الخدمة العامة وتقديم العون للمحتاجين، فهذا العمل الكبير والعظيم لا يستهدف القائمون عليه سوى مرضاة الله سبحانه وتعالى أولاً وقبل كل شيء.
إن عملاً كهذا يجب أن يلاقي التشجيع من جميع محبي الخير في الكويت وفي العالم الإسلامي.
إن العمل الخيري حرب على الفقر والعوز، وعلى التطرف والإرهاب لما يوفره من طعام وكساء وتعليم وعلاج للعائلات الفقيرة المحتاجة التي لو تركت بدون مساعدات فقد يخرج منها اللص والمتطرف والإرهابي.
هذا العمل الكبير تنشرح له صدور جميع الغيورين ومحبي الخير والمؤمنين الصادقين وهذه الصورة المشرقة مفخرة لأهل الكويت وفوق ذلك مرضاة لفاطر السماوات والأرض.
أما من يريد أن يغمز في قناة العمل الخيري أو يشكك فيه أو من لديه اعتراضات دون مبرر فإننا ندعوه لأن يتقدم الساحة ليساهم في العمل بنفسه وينشئ المؤسسات الخيرية لا أن يقف بعيداً ويكتفي بالغمز واللمز دون وجه حق.
إننا لا نملك إزاء أولئك الذين غابت عنهم الحقائق وأخذوا يثيرون الاتهامات إلا أن ندعو لهم بالهداية والسداد وأن يوفقهم الله لعمل الخير وتأسيس مؤسساته وإنشاء دوره ولجانه ليتذوقوا حلاوة عمل المعروف والإحسان والبر والصدقة(1).
______________________
(1) منشور في العدد (1470)، 12 رجب 1422هـ/ 29 سبتمبر 2001م.