مع نهاية عام2015، شرعت الحكومة الباكستانية والمؤسسات المختصة والدوائر الأمنية تحصي عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم بسبب أعمال العنف والإرهاب، وسارعت الدوائر التابعة لكل من الجيش والحكومة إلى إحصاء عدد الخسائر البشرية سواء كانت في صفوف القوات الحكومية أو المجموعات المسلحة أو بين المدنيين لتؤكد الخلاصة إلى أن باكستان لا زالت مبتلية بأعمال العنف والإرهاب ولم تتمكن من الخروج منها رغم الجهود المبذولة.
وأثبتت الإحصاءات التي اعترفت بها الحكومة، أن باكستان لا زالت تنتمي إلى الدولة المهددة والمعرضة للأخطار الإرهابية، ولا زالت ساحة خصبة لظهور هذه الأفكار والمجموعات، ومن ثمّ فإن التنظيمات الأكثر عنفاً في العالم وعلى رأسها تنظيم الدولة “داعش” يمكنه الحصول على ضالته هنا في باكستان.
تصاعد أعمال العنف في باكستان
وكانت الخسائر البشرية المسجّلة في باكستان قبل عام 2007 تتراوح بين ألف قتيل أو ألف و500 قتيل لا أكثر، ومع حلول عام2007، فقد قفزت إلى 4 آلاف قتيل لتصل في عام 2008 إلى 8 آلاف قتيل، وتستمر في التصاعد عاماً بعد عام، لتبلغ في عام 2009 ما لا يقل عن 10 آلاف قتيل، وتستمر في التدهور في عام 2010، حيث بلغت هذه الخسائر إلى ما لا يقل عن 15 آلاف ضحية. وفي عام 2011 شهدت هذه الخسائر تراجعاً، حيث سجل مقتل 7 آلاف شخص، وفي عام 2012 سجل مقتل7300 آلاف، وفي عام 2013 سجل مقتل 6800 شخص، وفي عام 2014 سجل مقتل 6600 شخص، ويصل هذا الرقم في عام 2015 إلى 6700 قتيلاً.
وهذا يعني أنه مند تولي رئيس الوزراء نواز شريف الحكم ورغم تصعيده ضد المسلحين، فإن الخسائر البشرية المسجلة من عام 2013 وصول شريف إلى الحكم وإلى غاية عام 2015 استمرت الخسائر قريبة جداً وفي سقف 6 آلاف شخصاً وهو ما يعني أن السيطرة على الأوضاع لا تزال مبكرة جداً.
إحصاءات عام2015
– إحصاءات وزارة الداخلية: وكان وزير الداخلية قد أعلن عن حصيلة الخسائر البشرية في عام 2015 حيث كشف عن مقتل 2143 مسلحاً، واعتقال 1700 مسلح.
ولم يشر التصريح إلى عدد المدنيين الذين قتلوا جراء أعمال العنف ولا عدد رجال الأمن الذين قتلوا أيضاً بسبب أعمال العنف.
-إحصاءات الجيش:أما المتحدث باسم الجيش الباكستاني فقد صرح بدوره بالقول إن عدد الخسائر في صفوف المسلحين مند بدايتها في منتصف عام 2014 قد بلغت 2800 مسلح، بينهم 2000 مسلح قتلوا فقط في عام 2015.
وكشف عن مقتل 450 جندياً مند بداية عملية الجيش في منتصف عام 2014 بينها 370 جندياً في عام 2015م.
– الخسائر البشرية في بلوشستان:وكانت وزارة الداخلية في إقليم بلوشستان قد سارعت بدورها إلى نشر الإحصاءات حول الخسائر البشرية التي وصلت إلى مقتل 198 شخصاً في 222 هجوماً إرهابياً في الإقليم. وأضافت القول بأن المسلحين شنوا 162 تفجيراً إرهابياً بالمتفجرات و151 هجوماً انتقائياً و54 هجوماً بالقنابل.
– مصادر غير رسمية: فقد أكدت مؤسسات أمنية غير حكومية حصيلة الخسائر في صفوف المدنيين وأشارت إلى أن المسلحين شنوا في عام 2015 ما لا يقل عن 19 هجوماً أغلبها انتحارية في العاصمة إسلام أباد وبيشاور وإقليم السند ولاهور وأدت هذه الهجمات إلى مقتل 244 مدنياً كان آخرها الهجوم الانتحاري في مدينة مردان الذي نفّذ في 29 ديسمبر2015 وأسفر عن مقتل 30 شخصاً.
– مؤسسة حماية الصحافيين: وفي تقرير أعدته مؤسسة حماية الصحافيين في باكستان حول خسائر رجالها في عام 2015 والأخطار التي واجهتها الصحافة المحلية، فقد ذكرت إلى أنها أحصت مقتل 28 صحافياً في عام 2015 وإصابة 23 صحافياً آخر.
وأكدت المؤسسة الصحافية عن عدم محاكمة القتلة والأشخاص الذين قاموا باغتيال الصحافيين ورجال المهنة الصعبة. واعتبرت ثلاث مناطق هي الأخطر على عمل الصحافيين والتي شهدت عمليات القتل والاغتيالات وهي كراتشي وإقليم خيبر في مناطق القبائل وإقليم بلوشستان.
واحتلت مدينة كراتشي الصدارة في عدد الاغتيالات ضد الصحافيين والتي شنتها المجموعات المسلحة والطائفية، حيث سجل مقتل 6 صحافيين وإحراق مكاتبهم والاعتداء عليهم، وتلتها منطقة القبائل في إقليم خيبر، حيث سجّل مقتل 5 صحافيين، ثم بلوشستان التي احتلت المرتبة الثالثة في عدد الصحافيين الذين لقوا مصرعهم وعددهم 4 صحافيين كان أشهرهم رئيس نادي الصحافة في المدينة.
وتوزعت الاغتيالات المتبقية على مدن مختلفة في باكستان. ويعتبر40% من الصحافيين الذين جرت تصفيتهم في عام 2015 ينتمون إلى الجماعات الطائفية أو المذهبية و20% قتلوا بسبب الصراعات الإثنية، والبقية بسبب الصراعات السياسية.
– استهداف المدارس الدينية:وكان زعماء المدارس الدينية قد شعروا بالطعنة في ظهرهم من حكومة شريف في عام 2015 بعد أن فرضت عليها إصلاحات مشددة، وجرى غلق المئات منها بسبب عدم توفر الشروط فيها، وراحت الحكومة عبر وسائل الإعلام تمارس في دعاية رآها علماء الدين أنها تخوف في السكان حتى لا يرسلوا أبناءهم إلى المدارس، مع أن الجميع يعرف أن فقراء الباكستانيين وغير القادرين على تعليم أولادهم بسبب الفقر وجدوا ضالتهم في المدارس الدينية التي توفر لأبنائهم قاعدة تعليمية دون أي مقابل، وتوفر لهم سكنات مجانية، وتقدم لهم المساعدة.
ويقول علماء الدين: إنهم لا يطلبون المساعدة من الحكومة ولا يقبلون بأي دعم حكومي لهم، وأنهم التزموا بجميع شروط التعليم والاستمرار وعلى رأسها الكشف عن مصادر تمويلهم والجهات الداعمة لهم.