يكاد يقف شعر رأسي، وتتصلب عظامي؛ وأنا أقرأ رسائل “الواتسابيين” المتعددة التي يتناقلونها، فرسالة تنبئك بأننا قادمون على سنين كسني يوسف العجاف، وأخرى تتحدث عن غلاء المعيشة، وأنك لن تستطيع للغذاء طلباً، وثالثة تدعوك للتقشف مع عائلتك، وضرورة أن تجتمع بهم، وتتخذ قرارات صارمة لتخفيض الإنفاق، ورابعة تقول: إن سعر النفط سيصل للقاع، هذا غير الإشاعات السابقة التي قيلت أيام هبوط النفط، في أن السعودية ودول الخليج لن تصبح قادرة على دفع رواتب الموظفين!
لا أدري هل يكتب لهذه الرسائل الانتشار فتصل إلى كثيرين، أم أنها محدودة بحيث إن العقلاء يوقفونها فلا تتجاوز جوالاتهم، الأكيد أن هذه الرسائل تبث الرعب، وتزيد معدلات الإحباط!
هذه الرسائل تتكئ في تحليلاتها على:
هبوط سوق الأسهم، وينسون أن احمرار “الأسهم” واخضرارها طبيعي، وأنها تتأثر بالنفط!
وتتكئ أيضاً على دحدرة أسعار البترول، وكما هو معروف أن النفط يخضع لقواعد العرض والطلب، وعلى رأي وكالة الطاقة الدولية أن أسواق النفط “تغرق في تخمة المعروض”، وهنا لابد أن نتذكر أن أسعار النفط قبل أن تتخطي حاجز المائة دولار كانت قبل سنوات بعشرين دولاراً وأقل.
ويشيرون إلى تكلفة الحرب اليمنية، التي أدت لزيادة الإنفاق العسكري، والقارئ للتاريخ سيجد أن السعودية ودول الخليج سبق وأن خاضت حرب تحرير الكويت، ومرت هذه الأزمة دون أن يكون لها سلبيات مباشرة على عيش المواطنين، مع التأكيد أن السعودية وحلفاءها الخليجيين خاضوا الحرب لصد همجية إيران التي تشكل خطراً على أمنها.
بقي أن أشير إلى أن مع هذه الرسائل هناك تقارير غربية تبث في الإعلام، بأن السعودية مقبلة على الإفلاس، والتحليلات الاقتصادية حولها متذبذبة، ويحار معها عامة الناس؛ وإن كان غالب تلك التقارير في سياق الحرب النفسية على بلادنا؛ لتشويه سمعتها، وتخويف المستثمرين فيها.
وأجد هنا أن على الجهات المسؤولة “كوزارة المالية” تطمين الناس بأن اقتصادنا بخير، فالناس يسكتهم الرد الرسمي، ولغة الأرقام التي توضح قدرة الاحتياط النفطي على الصمود بإذن الله، ولا ننسى أن الكثير من الدول مرت بأزمات، وتعافت منها، وتصريح الجهات ذات العلاقة ضروري؛ فكثرة الشائعات، وتناقل هذه التقارير الغربية، لا يدحضها إلا إعلام مسؤول وجهة رشيدة تبين للناس حقيقة الوضع، فتضع حداً للشائعات، وتقطع الطريق على كل كاره لوطننا.
ولنفترض – مثلاً – صدق تلك التقارير، وتلك الرسائل “الواتسابية”، وأننا مقبلون على مرحلة شد الحزام، فمن حق المواطن على تلك الجهات إفهامه، لينخرط ويلتحم مع دولته، لتخطي هذه الأزمة، ولكي يضع المواطن حداً للإسراف والإنفاق على الكماليات التي أضرت بنا!
وأنا أكتب هذا المقال، قرأت هذه الدرة من درر الحسن البصري: قرأت في 90 موضعاً من القرآن أن الله قدّر الأرزاق وضمنها لخلقه، وقرأت في موضع واحد: “الشيطان يعدكم الفقر”.