منذ أن أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الصهيونية، عن ضمّه حزب “إسرائيل بيتنا”، بزعامة أفيغدور ليبرمان، إلى الحكومة، تصاعدت التحليلات حول السياسة التي ستنتهجها هذه الحكومة ضدّ الفلسطينيين، وأيضاً ضدّ قطاع غزة تحديداً.
ذلك أن ليبرمان المعروف بعدوانيته الشديدة، أصدر في أوقات سابقة مواقف دعا فيها للعودة إلى سياسة الاغتيالات ضدّ القيادات الفلسطينية، ومنهم المجاهد إسماعيل هنية، وإلى شنّ حرب واسعة لاستئصال حركة حماس في قطاع غزة.
لكن إلى أي مدى يمكن اعتبار التحالف الجديد بين نتنياهو وليبرمان مقدمة لتصعيد عسكري أو أمني ضد الفلسطينيين؟!
في قراءة موضوعية لما جرى، يتبين أن الأسباب الحقيقية للتعاون بين نتنياهو وليبرمان (له 6 مقاعد في الكنيست) تعود إلى عوامل داخلية ومرتبطة بالصراعات داخل الأحزاب وبين الكتل الحزبية التي تتشكل منها الحكومة، وتوفر لها نصاباً مقداره 61 نائباً من أصل 120.
ففي الفترة الأخيرة، ازدادت الخلافات بين نتنياهو وزعيم حزب “البيت اليهودي” نفتالي بينيت الذي يمتلك 8 مقاعد، وهو شريك في الحكومة، ويقود حملة لتحسين عمل المجلس الوزاري المصغّر، ويقترح تعيين ضابط بصفة سكرتير عسكري يزوّد أعضاء المجلس المصغّر بالمعلومات، وهو ما يعارضه نتنياهو الذي يعتبر ذلك مساً بدور رئيس الحكومة ووزير الدفاع.
وازدادت الخلافات بين نتنياهو وبينيت لدرجة أن الأخير هدّد بعدم التصويت لصالح ضمّ حزب ليبرمان للائتلاف.
ولعبت الخلافات داخل “الليكود” دوراً في تحالف نتنياهو مع ليبرمان، إذ قام نتنياهو بمنح موقع وزارة الدفاع لليبرمان وأقال موشيه يعلون، في تصرّف وجد فيه كثيرون أنه لإبعاده عن زعامة “الليكود” في المستقبل.
وسجلت في الفترة الماضية انسحابات من كتلة نتنياهو واستقالة وزيرين من حكومته، وهناك تهديد بانسحاب نائبين أيضاً.
وبالتالي فإن الذهاب في التحليل إلى وجود مخاوف من تولّي ليبرمان وزارة الدفاع للانطلاق نحو حرب جديدة هو تحليل غير دقيق.
ويرى البعض أن هذه الثنائية – نتنياهو/ ليبرمان – تجدد ثنائية بيغن / شارون التي أفرزت اجتياح لبنان عام 1982.
صحيح أن مواقف ليبرمان متطرفة، لكن ليس كل ما يقال يتحول إلى أفعال، والكلام من صفوف المعارضة ليس كما الكلام من داخل الحكومة. فالواقع السياسي والعسكري ليس كما يريده أو يتمناه ليبرمان.. ذلك للعوامل التالية:
1- إن الكيان الصهيوني خرج من عدوانه على غزة عام 2014 مثقلاً بمجموعة كبيرة من الإخفاقات، وإن التحقيق الذي أجراه “مراقب الدولة”، ولم يُنشر بعد، يكفي – كما قال معلقون صهاينة – لإحداث زلزال.
2- إن الاحتلال الإسرائيلي يتخوف من اشتعال جبهات الضفة الغربية وشمالي لبنان، وبالتالي فإن تجربته في مواجهة غزة وخطر الأنفاق تجربة مرّة.
3- إن الأوضاع المتوترة في المنطقة لا تشجّع حكومة نتنياهو على فتح حرب جديدة في الداخل، كما أن ضعف الائتلاف الحاكم لا يشجّع على ذلك.
4- إن الجهات الدولية مشغولة هذه الأيام بإيجاد تسويات إقليمية، ومحلية، ومنها تسوية بديل محمود عباس. وليس هناك مصلحة في تفجير الوضع الفلسطيني في هذه الأثناء.