بين يدي تقرير مختصر منسوب إلى صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية التي خصصت عدداً خاصاً يتحدث عن الكارثة التي حلت بالعالم العربي خلال 13 عاماً، ابتداءً من العدوان الأمريكي باحتلال العراق عام 2003م.
العدوان الأمريكي لم يدمر نظام البعث العراقي فقط، بل دمر الدولة بأكملها، وخلق الظروف الملائمة لولادة “داعش” وأمثاله من التنظيمات الإرهابية، وقضى على العالم العربي وحوله إلى منطقة ملتهبة، وأعطى إشارة إلى لانطلاق عصر الإرهاب الذي ضرب العالم وأقض مضاجعه.
العراق خسر خسائر كبرى جراء الإرهاب الأمريكي، ما بين قتلى ومشردين، وأسرى، ومجاعة.. أيضاً “الربيع العربي” واحد من الهزات الارتدادية للكارثة، وتقدر مصادر دولية أن خسائر الوطن العربي بلغت 830 مليار دولار، فضلاً عن الدمار الحاصل في ليبيا ومصر وسورية واليمن.
يواصل التقرير ليقول: هناك مرحلة من التاريخ العربي وصفت بعصر الانحطاط، لكن الانحطاط الذي يشهده العرب غير مسبوق، خاصة أنه يحدث في عصر تحرز فيه الشعوب التقدم والارتقاء.
العرب يحاربون العرب في اليمن، والعرب يحاربون العرب في سورية ويدمرون سورية، والعرب يتحاربون في ليبيا، ويتحاربون في العراق، ومع أن الإرهابيين يشنون حربهم على الإنسانية باسم الإسلام فإن 70% من ضحاياهم مسلمون!
ومن ضمن التقرير فقرة تقول: لا توجد أي مؤشرات على أن هناك مستقبلاً عربياً أفضل، فمعظم الجروح العربية نازفة وملتهبة وتستعصي على الشفاء، وأي مستقبل لمجتمعات لم تعد تعتبر نفسها مجتمعات وطنية بل مكونات اجتماعية على أساس الدين، والمذهب والعرق والطائفة!
من خلال ملخص هذا التقرير يبرز سببان لهذه الكارثة التي لحقت بالعرب؛ أولهما التدخل الخارجي، فالسياسة الغربية ما فتئت في الهيمنة على الشرق الأوسط بدءاً باحتلال أكثر دوله، وانتهاءً بالتدخل المباشر تحت حجج وذرائع واهية كما حصل للعراق، وكما هو حاصل لسورية.
والثاني: سبب داخلي يتعلق بالعرب أنفسهم في بُعدهم عن روح الإسلام وحقيقته، والأخذ بأسباب النهضة، يتجلى ذلك في صورة التفرق والتخاذل، بينما حث دينهم على الاتحاد والتعاون وحرم الظلم والفساد بكل صوره.
هذا الموضوع يصدق فيه حديث النبي الكريم لما قال: “ويل للعرب من شر قد اقترب..”، وقد سألته زوجته زينب: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟، قال: “نعم، إذا كثُر الخبث”، ويتابع شارحو الحديث أن المقصود بالخبث الكثرة في الشرور والمعاصي، مع ذكر الحديث الآخر: “إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيّروه أوشك أن يَعمَّهم الله بعقابه”.. فالفساد والطغيان وغياب العدل من أسباب التخلف.
يقيننا الذي لا يتزعزع يقول: إن المستقبل للإسلام، والمسلمون سينهضون يوماً، متى أخذوا بالأسباب، وعاشوا الإسلام الحق، ولا ننسى تداول الأيام، فالغرب المزدهر اليوم مر بحالات بؤس وحروب، وصراعات، وتسلط حكام طغاة.. وأيضاً العرب مرت عليهم حالات هوان وضعف كالذي نراه اليوم أيام التتار والحروب الصليبية وقد تعافوا منها!