ـ عندما يُغرس حب الخير في نفس الطفل ويمارسه من أول سني عمره فإنه يتأصل في نفسه ويصبح سمة أصيلة في شخصيته
ـ «القصة» من أفضل الوسائل في غرس القيم لدى الأبناء فهي تستحوذ على الانتباه وتترك أثراً عميقاً في النفس
ـ كن قدوة حسنة لابنك في كرمك وعطائك وبذل الخير للناس فلسان الحال أبلغ في النفوس من لسان المقال
لم يأت الإسلام بتعاليمه ليكون عظات ورقائق تسمو بروحانيات الناس في علاقتهم بالله تعالى وفقط، لكن جاء أيضاً لينظم علاقات الخلق بعضهم بعضاً؛ حتى يسود التفاهم والألفة والمحبة في المجتمع، فينعم الجميع بالسعادة في الدنيا والآخرة.
من أجل ذلك دعا الإسلام أتباعه ليكونوا نافعين لمن حولهم بكل أشكال النفع الممكنة، كمد يد العون للمحتاج، والحرص على إدخال السرور والبهجة على الآخرين، وبذل الوقت والجهد والمشاعر في نفع الناس.. إلخ، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيرُ الناس أنفعُهُمْ لِلناسِ» (صحيح الجامع).
وهذه القيمة ينبغي ألا يغفل الآباء عن غرسها في نفوس أبنائهم منذ نعومة أظفارهم، فعندما يغرس حب الخير في نفس الطفل ويمارسه من أول سني عمره، فإنه يتأصل في نفسه، ويصبح سمة أصيلة في شخصيته، وحين يكبر يصير مثالاً يحتذى به في نفع مجتمعه وكل من حوله.
تحفيز وجداني
فكيف نغرس حب الخير في نفوس الأبناء؟
1- فضل ومكانة:
تحدث مع ابنك عن فضل ومكانة فاعل الخير عند الله تعالى بما يناسب عمره وقدرته على الاستيعاب، ومن هذه الفضائل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا نفَّسَ الله عنهُ كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ في الدُّنيا يسَّرَ الله عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ، ومن سَترَ على مُسلمٍ في الدُّنيا سترَ الله علَيهِ في الدُّنيا والآخرةِ، و الله في عونِ العَبدِ، ما كانَ العَبدُ في عونِ أخيهِ» (رواه الترمذي).
2- لسان الحال:
كن قدوة حسنة ومثالاً حياً يحتذي به ابنك في كرمك وعطائك وبذل الخير للناس، فلسان الحال أبلغ وأعمق أثراً في النفوس من لسان المقال، وقد قيل: إن فعل رجل واحد في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل واحد، واعلم أن ابنك يلاحظ ما تقوم به ويتعلم منك بطريقة تلقائية.
3- رصيد لصاحبه:
احرص على أن تغرس في نفسه أن فعل الخير لا يضيع أبداً، وأنه يعود على صاحبه بالخير في الدنيا قبل الآخرة، ويساعدك على ذلك أن تذكر وتشرح له حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «صنائِعُ المعروفِ تَقِي مصارِعَ السوءِ وصدَقَةُ السرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الربِّ..» (رواه المنذري).
4- اهتمام بالآخرين:
الفت انتباهه إلى احتياجات الآخرين، وعلّمه كيف يفكر ويهتم بهم، فمثلاً عندما يطلب نوعاً من الحلوى فقل له: إنني أعلم أن صديقك فلاناً أو ابن الجيران أو ابن الحارس يحب هذه الحلوى أيضاً، فما رأيك أن ندعوه ليشاركنا فيها أو نعطيه جزءاً منها؟
5- تعزيز إيجابي:
ترصد أي جهد يصدر منه – مهما كان قليلاً – في مساعدة الآخرين وتقديم العون لهم، وامتدحه وأثنِ عليه، فهذا يعزز لديه حب الخير ويعمقه في نفسه.
وسائل تربوية
6- قصص وحكايات:
تعد القصة من أفضل الوسائل في غرس القيم لدى الأبناء، وخاصة في السن الصغيرة، فالقصة تستحوذ على الانتباه وتترك أثراً عميقاً وممتداً في شخصيته، فاحكِ له بعض القصص والحكايات والمواقف التي تحثه على مساعدة من حولنا، سواء بالمال أو الجهد أو العلم أو الوقت أو بالكلمة الطيبة.. إلخ.
7- مقاطع الفيديو:
شاهد معه بعض مقاطع الفيديو والأفلام التسجيلية أو التقارير التلفزيونية التي تبرز الأجر والنفع الذي يعود على من يبذل الخير للناس، وتُناقش احتياجات الفقراء، ومدى السعادة التي يشعرون بها عندما يمد لهم أحد يد العون، ثم افتح حواراً معه حول هذه المشاهدات.
8- ممارسة الأدوار:
مما يساعد على غرس حب فعل الخير في نفسه، أن يشارك في تمثيل بعض المشاهد التمثيلية والمسرحيات القصيرة التي تدور حول مساعدة الآخرين، وأن يُسند إليه دور المعطاء الذي يبذل الخير، ويمكن أن تنفذ هذه المشاهد بمشاركة أفراد الأسرة أو أقارنه، كما يمكن استخدام العرائس في ذلك.
9- مواقف الحياة:
استثمر مواقف الحياة التي يشاركك ابنك إياها في غرس قيمة عون الآخرين، فإذا كنتم مثلاً في الطريق ورأيتم شخصاً فقيراً، فتكلم معه بطريقة مناسبة له عن أن هناك أناساً محتاجين حولنا، ومن واجبنا أن نساعدهم وندعمهم لنخفف عنهم آلامهم.
10- إثارة التفكير:
احرص على أن تثير تفكيره، بحيث يصبح مقتنعاً ومتبنياً ما يقوم به من أعمال الخير، فمثلاً إذا ما ذكر لك أن الأطفال الفقراء لا يملكون الكثير من اللعب، فاهتم بالفكرة وناقشه حول الطرق المختلفة لتقديم المساعدة لهم.
11- لوحات الخير:
علق في بيتك بعض اللوحات الورقية المكتوب عليها بعض فضائل فعل الخير من آيات أو أحاديث أو أقوال للصالحين أو غير ذلك مما يذكره بفعل الخيرات.
12- شجرة الخير:
وهي عبارة عن شجرة مرسومة على ورقة، تمثل أوراقها أيام الأسبوع أو الشهر، وفي آخر كل يوم يلون إحدى أوراقها باللون المحبب لنفسه إذا قام بأي فعل خير، وباللون الأسود إذا لم يقم بفعل خير.
تدريب عملي
وهناك بعض الأفكار التي يمكن من خلالها أن يدرب الآباء أبناءهم بشكل عملي على فعل الخير، ومن أمثلة ذلك:
1- إذا رأيت فقيراً أو محتاجاً أعطِ ابنك مبلغاً من المال واطلب منه أن يقدمه له، أو إذا تناولت الطعام بمطعم وبقي بعض الطعام؛ اطلب منه ترتيب المناسب منه وتغليفه بشكل جيد وتقديمه لمحتاج.
2- أشركه في تعبئة بعض زجاجات المياه النظيفة الصالحة للشرب أو شرائها، وشجعه على إعطائها للعمال المتواجدين بالشوارع خاصة في أيام الحر.
3- شجعه على جمع القمامة من فناء المنزل، أو أن يزيل الأذى من الطريق بنفسه تخفيفاً عن عمال النظافة.
4- شجعه على انتقاء الملابس التي توقف عن ارتدائها ومازالت بحالة جيدة، وبعد تنظيفها وكيها يعطيها لمن يحتاجها.
5- عوّده أن يحافظ على كتبه المدرسية نظيفة، وبعد انتهاء الدراسة شجعه على التبرع بها لمن يحتاجها أو لبعض الجمعيات الخيرية.
6- اجعل معه دائماً بعض الأدوات المدرسية الإضافية (قلم، مسطرة، ممحاة.. إلخ)، وشجعه على أن يعطي هذه الأدوات لمن نسيها من زملائه.
7- ادفعه لمساعدة أحد زملائه في مذاكرة أو فهم بعض الدروس التي لا يستوعبها.
8- شجعه على الإشراف على طلب النقود المعدنية من العائلة والأقارب ووضعها في صندوق مخصص لها، ثم يقوم كل فترة باستخراجها من الصندوق وصرفها في وجوه الخير.
9- أشركه في الأنشطة الخدمية المناسبة لعمره وشخصيته وقدراته، والتي تقوم بها إحدى الجمعيات الخيرية.
10- استثمر مواسم الخير، التي يكثر فيها النشاط الخيري، كشهر رمضان، واحرص على أن تجعل له دور خلالها، ومن هذه الأدوار:
– الاشتراك معك ولو بجزء قليل من مصروفه في شراء بعض التمر أو غيره، وتوزيعه أمام البيت أو المسجد على من يمر به من الصائمين قبل أذان المغرب.
– المساعدة في تعبئة حقائب رمضان وتوزيعها على المحتاجين.
– المشاركة في تجهيز موائد الإفطار.
– إشراكه قبل العيد في شراء وتجهيز بعض الحلوى أو البالونات أو الألعاب والهدايا ليقدمها معك للأطفال قبل أو بعد صلاة العيد.>