تعتبر فلسطين بما تضمّه على أرضها من مقدسات إسلامية في مقدمتها المسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، القضية المركزية للمسلمين، ويعد مقاومة الاحتلال الصهيوني بكافة الطرق وعلى مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية من أوجب واجبات الأمة.
لذلك كان مستساغاً أن يفرح العرب والمسلمون بقرار مجلس الأمن الدولي بإدانة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية ومطالبة الكيان بوقفه، خاصة وقد جاء لأول مرة منذ 36 عاماً، بموافقة 14 عضواً بمجلس الأمن على القرار، بينما امتنعت الولايات المتحدة وحدها عن التصويت.
فهو وإن كان يعد «إنجازاً وانتصارًا» معنوياً للشعب الفلسطيني، إلا أنه يعتبر حبراً على ورق، ويفتقد لتحديد الوقت الزمني لتطبيقه فعلياً على أرض الواقع، ككل القرارات الصادرة من الأمم المتحدة ضد الكيان الصهيوني، التي وصل عددها إلى 807 قرارات لصالح القضية الفلسطينية، منذ بداية العام 1948م، وكلها أوراق حُفظت واستمرّت «إسرائيل» في تجاوزها وتجاهلها وإهمالها ورميها في مزابل مجلس وزرائها، والقرار الأخير سيلحق بما سبقه، وقبل أن يجفّ حبره أعلنت سلطات العدو قرارها ببناء وحدات استيطانية جديدة رافضة للقرار.. فلا توجد قوة فعلية على الأرض قادرة على تطبيق القرار ومنع الاحتلال من مواصلة الاستيطان.
ورفض «إسرائيل» للقرار هو فصل من تمثيلية، فالرفض هو صوت لإعلان قوة وليس ردّ فعل عن ضعف وتخاذل، ولسان حال «إسرائيل» في الرفض يقول نحن أقوياء ونحن نقرّر ما نريد.
إن ثقة «إسرائيل» بالأمم المتحدة لا يدانيها شك، فهي مؤمنة بأنّ الهيئة الدولية يهمّها أمرها ونجاحها، فيقول ناحومسوكولوف في المؤتمر الصهيوني عام 1922م:
«أورشليم إنها عاصمة السلام العالمي، أما نحن اليهود فسوف نتابع كفاحنا لدى عصبة الأمم ولن نرتاح قبل السلام النهائي، إنّ جمعية الأمم تهتمّ بنجاح قضيتنا، ليس فقط لأنها منحتنا الوصاية، ولكن لأنّ قضيتنا تتعدّى حدود القضايا الدولية لأيّ بلد كان، هذا لأنها تتضمّن بشكل من الأشكال ازدهار العالم بأجمعه وسلامه، وفي يوم قريب سوف نحكم العالم رسمياً وسيكون المنطلق من أورشليم من حيث أتانا الذلّ ومن حيث سيأتينا النصر».
مسألة فلسطين هي قضية الأمة بأسرها، ونحن يحق لنا أن نفرح ونهلل عندما تلزم الهيئة الدولية الكيان الصهيوني بتنفيذ القرارات الصادرة عنها، أما أن تكون حبراً على ورق فهذا يعد نصراً وهمياً وذراً للرماد في العيون.
وعلى الدول العربية والإسلامية دعم حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه بكل الوسائل المشروعة لمواجهة طغيان الاحتلال “الإسرائيلي”، بما فيها خيار المقاومة الذي أقرته الأمم المتحدة كحق للشعوب المحتلة.