حذر علماء وأكاديميون من عواقب القرارات التي تحاول السلطات الأمريكية اتخاذها بنقل السفارة الأمريكية من “تل أبيب” إلى القدس المحتلة، مؤكدين أن ذلك يأتي في سياق العمل على تهويد المدينة المقدسة.
وشدد هؤلاء خلال ندوة علمية بمدينة غزة، أمس الإثنين، تحت عنوان “المخاطر والتحديات التي تواجه المدينة المقدسة”، ونظمتها جمعية دار البر للأعمال الخيرية، على ضرورة مواجهة محاولات الاحتلال لتغيير البلدة القديمة ديموجرافياً.
وقال الوزير السابق يوسف سلامة: إن القدس المحتلة تتعرض لهجمة صهيونية شرسة، وإن الشخصيات الدينية تُلاحق، والبيوت الإسلامية تهدم، ومواطنو المدينة يتعرضون للضرائب الباهظة، كالأرنونا وغيرها.
وأضاف سلامة خلال كلمته أن المحلات التجارية تتعرض للإغلاق، وأصحابها يتعرضون للملاحقة، وشباب المدينة يجبرون على الخروج من منازلهم ومدينتهم، في ظل استمرار البناء الاستيطاني وتوسعه.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الجمعية أن المقدسات الإسلامية تتعرض للتهويد من خلال بناء مئات الوحدات الاستيطانية، واستمرار تشريع القرارات الاستيطانية في سباق مع الزمن في محاولة لفرض سلطات الاحتلال سيطرتها على القدس، وإحداث تغيير ديموجرافي في البلدة القديمة لفصل المدينة عن بعدها العربي، وفق قوله.
وأضاف سلامة أن “الأقصى” يتعرض لهجمة شرسة تشتد في الفترات الحالية من خلال الحفريات أسفله، وبناء كنس بجواره وأسفله، مشيراً إلى وجود أكثر من 60 كنيسًا أبرزها الخراب والجوهرة أسفل ومحيط المسجد الأقصى.
وشدد على أن هدف الاحتلال هو إخفاء المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية من الوجود، من خلال مشاريع استيطانية وصلت إلى بناء آلاف القبور المزيفة لإحداث تاريخ مزيف في هذه المدينة.
وأضاف: المدينة تمر بمرحلة حرجة، ونحن متمسكون في حقنا بهذه المدينة، فهي إسلامية عربية تتميز بالتسامح.
واستنكر سلامة صمت العالم أمام ما يحدث للقدس، وتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة في تبنيه الرواية الصهيونية حول المسجد الأقصى، واصفاً تصريحاته بـ”الجريمة الكبيرة”.
وناشد أبناء فلسطين بضرورة التعالي على الجراح، ورصّ الصفوف، وإنهاء الانقسام من أجل المحافظة على الأقصى والقدس.
ودعا الدول العربية والإسلامية لضرورة التصدي للاعتداءات “الإسرائيلية” ودعم المقدسيين المرابطين في مختلف المجالات.
نقل السفارة الأمريكية
وعن تأثير القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية للقدس، بيّن رياض الأسطل أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر بغزة أن عملية نقل السفارة ليست مهمة سهلة لجملة حسابات سياسية وأمنية واقتصادية، مشدداً على أن الولايات المتحدة حريصة على مصالحها، وأن القرار ليس من السهل تطبيقه؛ لأنه قرار استبدادي.
ودعا الأكاديمي إلى ضرورة التصدي للهجمة الصهيونية، وعملية نقل السفارة من خلال الوحدة الوطنية والتكاتف والتعاون مع جميع الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى المؤسسات الدولية.
القدس.. بين الواقع والمأمول
من جانبه، قال الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس خطيب المسجد الأقصى: إن القدس المحتلة تمر في واقع صعب؛ فسلطات الاحتلال تضع يدها على مدينة القدس، وتحتلها زوراً وعدواناً.
وأضاف أن سلطات الاحتلال تبذل كل جهودها لتغيير الواقع في المسجد الأقصى بفرض سيطرتها عليه، وإحداث تغيير ديموغرافي في المدينة المقدسة، كان آخرها زيادة فترة الاقتحامات مدة 45 ودقيقة، وزيادة عدد المقتحمين وإقامة صلوات تلمودية.
وشدد خطيب الأقصى على أن ما تقوم به سلطات الاحتلال هي أعمال غير قانونية وغير إنسانية، ولا نعترف بها؛ لأن الأقصى جزء من عقيدة المسلمين، ولن يتمكن اليهود من تحقيق مآربهم بهذه التجاوزات التي لن تكسبهم شيئًا في المدينة المقدسة.
بدوره استعرض الأكاديمي خالد صافي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأقصى بغزة، قرارات مجلس الأمن رقم (242)، (250)، (251)، (252)، وقرارات أخرى تحمل رقم (267)، (271)، ثم قرارات الجمعية العمومية الأخرى مثل قراري (181)، (194)، التي أكدت أن القدس محتلة.
وبين خلال كلمته التي حملت عنوان “القدس وقرارات هيئة الأمم المتحدة”، أن القانون الدولي كفل المقاومة بأشكالها كافة ضد الاحتلال الصهيوني، مشيراً إلى أن سلطات الاحتلال عملت على نقض تلك القرارات.
من جانبه، أكد حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية بالقدس، خلال كلمة مسجلة له أن المدينة المقدسة تتعرض للاعتداءات الصهيونية الممنهجة منذ احتلالها، من هدم للبيوت، وطرد المواطنين المقدسيين، وسحب هوياتهم وفرض الضرائب الباهظة عليهم، وتضييق على التجار، وفي المقابل إقامة عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية لتغيير معالم المدينة.