أدار الحوار: هاني صلاح
قال شكيب بن مخلوف، الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا: إن أوروبا شهدت خلال العشرية الأخيرة تطورات لا تخدم المسلمين، وفي مقدمتها تنامي اليمين المتطرف الذي بدأ يستهدف بشكل واضح المسلمين قبل غيرهم، مؤكداً أن الوقوف في وجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها المسلمون عموماً تتطلب تكاتف جهود كل العاملين والمناصرين للحرية والمساواة والرافضين لكل أشكال التمييز العنصري.
كما دعا المسلمين أفراداً ومؤسسات إلى أن يتفاعلوا مع قضايا مجتمعاتهم؛ محذراً من أن هدف اليمين المتطرف نزع صفة المواطنة عن المسلمين وتحويلهم إلى وافدين أو مواطنين من الدرجة الثانية حتى لا يُمكَّنوا كغيرهم من كامل حقوق المواطنة.
جاء ذلك في الجزء الأول من حوار “مستقبل مسلمي أوروبا في ظل التحديات الراهنة”، وهو الحوار الثالث على الموقع الإلكتروني لـ”المجتمع” بالتشارك مع “مبادرة حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والذي يجريه الصحفي هاني صلاح على الصفحة العامة للحوارات بعنوان “الإسلام والمسلمون في العالم”.
وإلى الحوار..
المشاركة الأولى من: إياد الشرفا، مهندس برمجيات، ناشط إعلامي (ألمانيا)، وتتضمن سؤالاً واحداً (رقم1):
1- نلاحظ عدم التزام المسلمين بقانون المؤسسات الأوروبي ويتم تطبيق نظام حكم دكتاتورية داخل المؤسسات، أليس من الأجدر على المسلمين احترام قوانين البلد وعدم جعل المؤسسة العامة نموذجاً مصغراً من دولنا الدكتاتورية؟
أين الاتحاد من هذه الثقافة.. ثقافة إدارة المؤسسة بطرق ديمقراطية وليس بطريقة “التكويش” والفرز؟!
– الإجابة: السلام عليكم أخي إياد..
أنا لست ناطقاً باسم الاتحاد، وله قيادته التي تتحدث باسمه.. لكن حسب علمي، فإن للاتحاد لوائحه التي يسعى من خلالها ضبط العمل في مؤسساته الأعضاء، علماً أنه لا يتدخل بشكل مباشر في الجمعيات والمراكز الفرعية في المدن.
ومن بين الضوابط التي وضعها الاتحاد للحيلولة دون السقوط في مطب الدكتاتورية وتغليب الفردية التداول على المسؤولية، حيث لا يسمح للرئيس أكثر من دورتين، كما أن لديه دليلاً للمؤسسة المستقرة وأخرى للمؤسسة المتطورة وتطبيقهما كفيلان بضمان عمل مؤسسي.
عموماً المؤسسات الإسلامية تحتاج لتطوير أدائها في العديد من المستويات إدارياً ودعوياً واعتماد آليات أكثر فاعلية لضمان الشفافية.
هناك في أوروبا جمعيات رائدة ولديها إشعاع في محيطها وغالباً ما يكون القائمون عليها من أهل الخبرة والكفاءة وفي الاتجاه الآخر هناك جمعيات تحتاج إلى تطوير عملها، فالأخلاق وحدها بدون الكفاءة غير كافية، أسأل الله أن يتقبل من الجميع.
المشاركة الثانية من: شادي الأيوبي، صحفي مقيم في أثينا (اليونان)، وتتضمن سؤالاً واحداً (رقم 2):
2- حسب خبرتكم، هل يوجد تصور لدى المنظمات الإسلامية في أوروبا للمرحلة القادمة، بشأن إنشاء مزيد من الهيئات الحقوقية للمسلمين في مختلف الدول الأوروبية تدافع عن قضايا التمييز بحقهم والاعتداءات التي تقع عليهم في بعض الدول؟
خاصة في تلك الدول التي كانت ترتقي بحقوق المسلمين وتغير هذا الحال مؤخراً.. وشكراً لكم.
– الإجابة: شكراً أخي شادي على هذا السؤال.
شهدت أوروبا خلال العشرية الأخيرة تطورات لا تخدم المسلمين، وفي مقدمتها تنامي اليمين المتطرف الذي بدأ يستهدف بشكل واضح المسلمين قبل غيرهم.
والوقوف في وجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها المسلمون عموماً تتطلب تكاتف جهود كل العاملين والمناصرين للحرية والمساواة والرافضين لكل أشكال التمييز العنصري.
هناك مؤسسات إسلامية فاعلة في المجال الحقوقي لكن يبقى أداؤها دون المستوى؛ نظراً لحجم الاستهداف الذي يتعرض له الإسلام والمسلمون.
هذا، ويشكل فوز ترمب برئاسة أمريكا، وتصريحاته بخصوص الإسلام والمسلمين، تحدياً كبيراً لمسلمي أوروبا، والذين يجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع يمين يزداد تطرفاً يوماً بعد يوم.
لقد انتقل اليمين المتطرف في أوروبا من العمل الوطني إلى التنسيق الأوروبي؛ مما يستدعي من المسلمين إستراتيجية موحدة تضمن التنسيق بين المسلمين بكل مدارسهم ومذاهبهم ومشاربهم، وذلك وحده غير كاف إذا لم يصحبه تواصل وتشبيك مع باقي مؤسسات المجتمع المدني لتفتيت فرصة انفراد اليمين المتطرف بالمسلمين، وهنا يجب تبادل الأدوار وتنسيق الجهود والتواصل مع كل الفئات والاستفادة من كل الطاقات.
إن مواجهة ظاهرة “الإسلاموفوبيا” على المستوى الحقوقي والتقليل من آثارها تتطلب إمكانيات مادية، وهنا يأتي دور عموم المسلمين في دعم المؤسسات الحقوقية مادياً ومعنوياً حتى تقوم بدورها في الدفاع عن المسلمين في مختلف المحافل الأوروبية والدولية.
المشاركة الثالثة من: متابع للشأن الأوروبي، مقيم في شرق أوروبا، وتتضمن 3 أسئلة (أرقام: 3/4/5):
3- ما الذي يمكن أن يقوم به الاتحاد والجمعيات المماثلة له من التقليل من آثار المجموعات المتطرفة ذات التوجه الإسلامي التي تؤثر كذلك على المؤسسات الإسلامية المعتدلة في أوروبا؟
– الإجابة:
يجب على المؤسسات الإسلامية أن تنفتح أكثر على المسلمين بكافة أصنافهم، وأعني بذلك الملتزمين وغيرهم؛ فالجميع مستهدف، كما أن هنالك من المسلمين من لا يعتادون المساجد وهم من ذوي الكفاءات المتميزة تمكنهم بأن يقوموا بأدوار نوعية، فنجاح المؤسسات الإسلامية في الحد من المد العنصري مرهون بمدى وصولها وتواصلها مع كل الفئات المسلمة.
ومن ناحية أخرى، يجب على المؤسسات الإسلامية أن تنفتح على مثيلاتها من المؤسسات غير الإسلامية وتنسق معها للتقليل من أضرار اليمين المتطرف من خلال برامج ومشاريع هادفة.
ومع ذلك كله يجب ألا نغفل الدور والأثر الكبير الذي يمكن أن تحققه المؤسسات الرسمية إذا نجحت المؤسسات الإسلامية في وضعها أمام مسؤوليتها القانونية والأخلاقية في مواجهة المد العنصري الذي يستهدف فئة من المواطنين.
4- هل يوجد إمكانية لإحداث نوع من الاختراق لليمين الأوروبي بحيث يحصل نوع من التوافق على أسس للسلم الاجتماعي داخل المجتمع، خاصة أننا نلاحظ أن التصريحات لليمين المتطرف في الحملات الانتخابية تختفي نوعاً ما بعد الانتخابات؛ نظراً إلى أن الحزب يبدأ بالسعي لكسب أكبر عدد من المواطنين الذين لا تروق لهم الأفكار المتطرفة التي يدعو لها الحزب في فترة الانتخابات؟
– الإجابة:
أحزاب اليمين المتطرف ليست على قلب رجل واحد، لكن المشترك بينها هو استغلالها للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والبحث عن كبش فداء تحمله مسؤولية تردي الأوضاع.
نجح اليمين المتطرف في أن يحصد العديد من الأصوات الناقمة على سياسة الأحزاب التقليدية في أوروبا؛ بسبب التقارب الذي طرأ على كل من اليمين واليسار اللذين فقدا الكثير من مصداقيتهما بسبب سياساتهما وتراجع الجانب الأيديولوجي لديهما.
لكن يبقى اليمين المتطرف أكثر خطراً على المسلمين في أوروبا لأنه ينطلق من عداوته للمسلمين من منطلق أيديولوجي وليس سياسياً، بسبب تخوفهم من فقدان الثقافة والهوية الوطنية التي تتسبب فيه الأعداد المتزايدة للمسلمين في أوروبا.
وأمام هذا الوضع يجب على المسلمين أفراداً ومؤسسات أن يتفاعلوا مع قضايا مجتمعاتهم؛ لأن هدف اليمين المتطرف هو نزع صفة المواطنة عن المسلمين وتحويلهم إلى وافدين أو مواطنين من الدرجة الثانية؛ حتى لا يُمكَّنوا كغيرهم من كامل حقوق المواطنة.
للأسف، فإن بعض قادة اليمين المتطرف لا يعترفون بالحلول الوسط، ويغلب عليهم عقلية الإقصاء؛ ولذلك فهم يستغلون بساطة أتباعهم وسذاجة أنصارهم لإلقاء اللوم على المسلمين، مستغلين في ذلك التصرفات الحمقاء لبعضهم.
ولذلك يجب على المسلمين ألا يتحملوا بمفردهم مواجهة المد العنصري، والأفضل تشكيل جبهة عريضة من كافة التيارات الداعمة للحريات للوقوف في وجه هذه الظاهرة التي تهدد كيان المجتمع ككل.
5- ما مستقبل مؤسسات الاتحاد في ظل هذا التنامي الواضح لليمين في العديد من البلدان الأوروبية؟
– الإجابة:
لن أتحدث عن مستقبل مؤسسات الاتحاد فحسب؛ بل المؤسسات الإسلامية عموماً، فالعنصرية لا تفرق بين اتحاد وغير اتحاد، وإنما تستهدف كل ما هو مسلم، ولقد ثبت أن العنصريين في بعض الدول يتطاولون على الإسلام نفسه، لأنهم يرون فيه تحدياً كبيراً للثقافة والقيم الأوروبية كما يتصورون.
لقد نجحت بعض المؤسسات الإسلامية إلى حد ما في العديد من الدول الأوروبية في أن تندمج في مجتمعاتها وتتعامل مع قضاياه وتنفتح على محيطها وتتواصل مع مثيلاتها من المؤسسات وتتبنى معهم مشاريع مشتركة، كما نجحت مؤسسات لأن تصبح كياناً رسمياً معترفاً به لدرجة أن تمويله يتم من قبل مؤسسات الدولة، وإن لم يكن بالكامل فبشكل جزئي.
وكل ذلك يغيظ اليمين المتطرف الذي يرى في التعددية الدينية والثقافية التي ترفعها دول أوروبا خطراً على وحدة أوطانها، إن أزمة اليمين أنه أحادي الفكر ولا يؤمن بالتعددية ولديه الاستعداد ليضرب بعرض الحائط كل القوانين والقيم التي تم بناء الاتحاد الأوروبي عليها.
إنه يسعى لفرض حصار على المؤسسات الإسلامية حتى يسحب منها الشرعية القانونية التي حصلت عليها، ولذلك فهو يصعد في خطابه تجاه الإسلام والمسلمين بشكل متواصل، متجاوزاً بذلك كل الخطوط الحمراء، ويسعى جاداً لتعميم هذا الخطاب على باقي الأحزاب وخاصة التي عرفت بتضامنها مع المسلمين.
أما على المستوى الشعبي، فهو يسعى في خطابه لتأجيل روح العداوة والتصادم بين المواطنين المسلمين مع باقي فئات الشعب، ومن هنا تأتي خطورته، والخطوة التي تليها هي التنقيب على أخطاء هذه المؤسسات وزلاتها لتجريمها وتجريم مناشطها للقضاء عليها.
ولقد شهدنا أن ناشطاً سياسياً يتهم بالتطرف؛ لأنه رفع شعار رابعة ليس تضامناً مع الإخوان، وإنما مع الشعب المصري المظلوم، وآخر اتهم بالتطرف لأنه تعاطف مع أردوغان خلال محنة الانقلاب.
الذي نراه اليوم أن بعض المؤسسات الإسلامية تتعرض لحملة شرسة لم يسبق لها مثيل؛ حيث سحبت منها حرية التعبير التي تعتبر أحد المقدسات في الغرب، والرسالة واضحة هي لا مقام لكم فارجعوا، فأنتم ودينكم وثقافتكم ليس لها مكان في أوروبا في ظل حكم اليمين المتطرف.
وأريد أن أشير هنا إلى أن الغرب ليس واحداً، بل هناك أيضاً مؤسسات وهيئات وأناس محترمون يرفضون ذلك بشكل كلي، وقد أدخلوا أنفسهم في صراع مع هذه الفئات لما يشكلونه من خطر على وحدة أوروبا وأمنها الاجتماعي والسياسي ولديهم الاستعداد للدفاع عن المسلمين.
وأستثمر هذه الفرصة لأوجه شكري لهم جميعاً، فنحن في سفينة واحدة الحفاظ على سلامتها وظيفتنا جميعاً.
المشاركة الرابعة من: د. رباب عطوة، ناشطة إعلامية ومجتمعية في برلين بألمانيا، وتتضمن سؤالاً (رقم 6):
6- ألا تجد سيدي ضرورة تعيين مستشار ناطق متحدث رسمي متمكن يواجه الآلة الإعلامية الغربية الأوروبية في ضوء ما نتعرض إليه من هجمة شرسة علي الإسلام والمسلمين من أصول عربية وحتي القادمين الجدد؟
– الإجابة: أجيب عن هذا السؤال بشكل عام.
هنا يجب أن نفرق بين الجمعيات والمراكز الإسلامية في المدن، وبين المؤسسات ذات الطابع الأوروبي.
الإعلام عادة عندما يريد التعرف على رأي أو موقف المسلمين حيال قضية ما فإنه يتجه إلى أكبر جمعية أو مركز في المدينة المعنية، وقد يقصد أيضاً المؤسسة الجامعة للوقوف أيضاً على رأيها.
عادة ما يتقدم رئيس المؤسسة أو غيره من أعضاء الإدارة ليرد على الأسئلة وقد لا يكون الشخص المناسب.
وفي بعض الأحيان يمكن أن يتجهوا بأسئلتهم إلى الإمام بحكم أنه أكثر الناس معرفة وإلماماً بالدين، وقد لا يكون متمكناً من لغة البلد فيكون رده على غير النحو المطلوب.
من الواضح أن العرب ليسوا مستهدفين بمفردهم، لكن الاستهداف يطال باقي المسلمين، وإن كان العرب في مقدمتهم، وهنا يجب أن تتبنى المؤسسات الإسلامية القاعدة الذهبية “الرجل المناسب في المكان المناسب”، وهنا ننوه بدور الشباب في التعامل مع الإعلام؛ فهم أكثر الناس فهماً وإلماماً بثقافة البلد، إضافة إلى خبرتهم ومعرفتهم بطرق التواصل التي تدربوا عليها منذ صغرهم في المدارس؛ مما أكسبتهم خبرة وتجربة عند استعمالهم للألفاظ.
وأنا لا أستغني عن الكبار من هذا المقام، فمنهم من تتوافر فيهم نفس الشروط، لكن تشبيب المؤسسات أمر حيوي لاستمراريتها وتطوير أدائها.
وبناء على ما ذكر فيجب أن تتوافر المؤسسات الإسلامية على ناطقين في مختلف المجالات، فالذي يتحدث عن العلوم الشرعية غير الذي يتكلم في السياسة والذي يتحدث عن الجوانب الثقافية والتواصل المجتمعي غير الذي يخوض في القضايا العالمية الكبرى.
ولذلك فقد أصبح التخصص في المؤسسات الإسلامية أمراً لا مفر منه إن هي أرادت تطوير أدائها لتحقق الجودة المطلوبة.
المشاركة الخامسة من: د. أحمد مالكاوي، الأستاذ بالجامعات الأمريكية، وتتضمن سؤالين (أرقام 7/8):
7- هل هناك مؤسسات إسلامية أوروبية فاعلة تتخصص في تسجيل الناخبين بغرض مساهمة الجالية في صنع القرارات واختيار الممثلين؟
– الإجابة:
القوانين الأوروبية تختلف من دولة لأخرى.
على سبيل المثال؛ العلمانية في فرنسا تمنع المساجد من مزاولة أي نشاط سياسي، وقد يتعرض بعضها للمساءلة القانونية إن ثبت عنها ذلك، فهي دور للعبادة وليست لممارسة السياسة أو الوقوف مع حزب ضد الآخر إلى غير ذلك من المناشط.
بينما نجد السويد مثلاً لا تمانع إذا شاركت المساجد في منشط سياسي؛ وبالتالي فمساحات الحرية للمساجد تختلف من بلد لآخر.
ولكن من خلال تجربتي فإني أفضل أن يبتعد المسجد عن العمل السياسي ليس من باب الفصل بين الديني والسياسي، ولكن من باب الحفاظ على بيوت الله من أن تدنس بممارسات سياسية لا تليق بقدسيتها.
فكلنا يعرف أن السياسة للأسف لا خلق لها، وهي تبيح كل شيء لتحقيق أهدافها؛ مما يتعارض بشكل واضح مع دور المسجد الذي تحكمه جملة من الأخلاقيات.
ولكن يمكن للمسجد أن يشجع المسلمين ليكون لهم دور فعال في الحياة السياسية، وهذا مطلوب مع حفاظه على استقلاليته وعدم خوضه في جزئيات السياسة أو الاصطفاف مع حزب ضد الآخر.
أرجو ألا يفهم كلامي على أنني أريد إقصاء المسجد عن دوره في التوجيه السياسي، ولكن أفضّل ألا يقحم نفسه في صراعات سياسية لا ضابط أخلاقياً لها والمسجد قد لا يستطيع ذلك.
8- لماذا تقدمت الجاليات اليهودية مثلاً في هذا المجال؟ ولماذا تخلفنا؟
– الإجابة:
الجالية اليهودية لديها شيء من التناغم والانسجام، وليس كلياً، بينما المسلمون ينتمون لعشرات الدول، فبالرغم من أن العقيدة تجمع المسلمين فإن هناك من مظاهر الاختلاف ما يعرقل نشاطهم.
أما على مستوى آخر، فرؤية الجالية اليهودية بخصوص العمل السياسي أكثر وضوحاً، ولديها خطط تنهض بها مؤسسات ولوبيات بشيء من التكامل والانسجام، وهذا من ينقص الجاليات المسلمة التي يغلب على بعضها الطابع القطري، وفي حالة غياب رؤية واضحة فإن التنسيق بينها يكون غاية في الصعوبة.
هذا ولا ننسَ الجانب المادي الذي يعتبر عاملاً مهماً في العمل السياسي وفي تشكيل اللوبيات.
بالإضافة إلى ذلك كله فما زال استيعاب عموم المسلمين للمخاطر التي تهددهم بسبب انقساماتهم وبعدهم عن العمل السياسي ضعيفاً، فلو أن كل مسلم أدلى بصوته في الانتخابات لأثر ذلك على طبيعة النتائج، ولذلك تبقى قلة الوعي بالدور والمسؤولية والمخاطر التي تهدد المسلمين أفراداً وجماعات ومؤسسات أكبر عقبة أمام تقدمهم ليس في المجال السياسي فحسب بل في الحضور الإسلامي ككل.
وفي الختام؛ فإن التحديات التي تواجه المسلمين ليست كالتي تواجه الجالية اليهودية، فالذي فُتحت أمامه الأبواب ليس كالذي أغلقت أمامه.