تتسابق مراكز اقتصادية في دول كبرى لاقتناص أكبر حصة من أموال البنوك الإسلامية، التي ما انفكت تشهد نمواً مطرداً، وخاصة بعد أن شجعت عليها دول إسلامية غنية بمصادر الطاقة.
ورغم الأزمات المالية العالمية والآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط في منطقة الخليج العربي، فإن التمويلات الإسلامية أخذت حصة كبيرة في الاقتصاد العالمي.
جهود حثيثة
وتكفي الإشارة إلى ما جاء في كلام رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون: لا أريد أن تكون لندن أكبر عاصمة للتمويل الإسلامي في العالم الغربي، بل أود أن تقف إلى جانب دبي كواحدة من أكبر عواصم التمويل الإسلامي في العالم، للكشف عن جهود بريطانيا الحثيثة للاستفادة من أسواق التمويل الإسلامي المزدهرة، بحسب صحيفة “العرب” اللندنية.
كما كانت بريطانيا أيضاً من الدول الغربية السبّاقة التي أضافت قيمة نوعية لهذه البنوك من خلال خبرتها الطويلة في المجال المصرفي التقليدي لتُصبح أول دولة في أوروبا طوّرت هذا النظام المصرفي عام 2004م بإنشاء مصرف بريطانيا الإسلامي.
وتحتضن العاصمة البريطانية حالياً 20 بنكاً تقدم خدمات مالية إسلامية، كما أدرجت بورصة لندن صكوكاً إسلامية بقيمة 34 مليار دولار في الأعوام القليلة السابقة.
ونما سوق الاستثمارات الإسلامية بصورة كبيرة منذ عام 2006م، ويتوقع الخبراء أن تكون البنوك الإسلامية مسؤولة عن إدارة نحو نصف مدخرات العالم الإسلامي خلال السنوات المقبلة، واستطاعت المؤسسات الإسلامية المالية، وفق تقرير صندوق النقد الدولي، جذب الكثير من المتعاملين ورؤوس أموال كبيرة على المستوى العالمي، وأفلحت في زيادة الطلب على منتجاتها.
ويتوقع أن تنمو قيمة أصول قطاع التمويل الإسلامي في العالم بنسبة 80% خلال السنوات القادمة حتى عام 2020م.
وتوسعت البنوك والمحافظ الاستثمارية الإسلامية بشكل متسارع الآن، حيث بلغ عدد المؤسسات المالية الإسلامية العاملة في مختلف أنحاء العالم 1143 مؤسسة، منها 436 بنكاً إسلامياً أو نافذة للخدمات المصرفية الإسلامية في البنوك التقليدية، و399 مؤسسة مالية إسلامية أخرى في مجلس التعاون الخليجي وجنوب شرق آسيا، بينما يتوزع العدد الآخر بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا والعديد من المناطق الأخرى، وتستحوذ السعودية وإيران وماليزيا والإمارات على معظم الأصول المالية الإسلامية في العالم.
وكانت ماليزيا أول دولة في العالم تبادر عام 2002م بإصدار أول سندات إسلامية، وهي الآن أكبر سوق إسلامية للسندات وتمثل ثلثي هذا السوق في العالم.
وشجع ذلك دولاً مثل بريطانيا وباكستان وقطر والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة على إصدار السندات الإسلامية.
حاجة ملحة
ومع ازدياد حجم أعمال التمويل الإسلامي في العالم، شرعت فرنسا في اتخاذ عدة إجراءات للتعامل بهذا النظام داخل أراضيها، في الوقت ذاته افتتحت جامعة بورت دوفين الباريسية قسماً لمنح درجة الدبلوم في هذا التخصص، ويعزو الخبراء الماليون بقاء البنوك الإسلامية في منطقة الأمان المالي خلال الأزمات التي هزت الاقتصاد العالمي، إلى نجاعة النظم المالية الإسلامية، فعندما عصفت الأزمة المالية العالمية قبل سنوات وأطاحت باقتصاديات العالم، انطلقت شرارتها من القطاع المصرفي الأمريكي من خلال تصميم منتجات وأدوات مالية عالية المخاطر، بل قامت البنوك الكبرى في العالم بتظليل عملائها بشأن تلك المخاطر مما أدى لاحقاً إلى تغريمها المليارات من الدولارات.
ويقول وضاح الطه، الذي يشغل عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الأوراق المالية والاستثمار “سي أي اس أي” البريطاني في الإمارات، في تصريح لـ”العرب” اللندنية: في المصرفية الإسلامية هناك مبادئ رئيسة لا يمكن تجاوزها، تعتبر محددات صارمة للمخاطر، مفاهيم الربا والمقامرة والميسر، كلها محددات للمخاطر لذا فهي تمنع العديد من الممارسات والأدوات المالية ذات المخاطر العالية.
وأوضح الطه أن التوسع والإقبال على المصرفية الإسلامية من قبل بنوك عالمية، لم يعودا مخصصين للمسلمين وعلى نطاق محدود، بل أصبحا حاجة ملحة للحد من المخاطر في ظل عالم تتقاذفه المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية الحادة والتي لا بد من احتواء أو تسكين جزء منها، من خلال نظام مصرفي رصين.