توالت ردود الأفعال المستنكرة للزيارة التي قامت بها الجماعة الإسلامية في لبنان إلى السفارة الإيرانية هناك، للمشاركة في احتفالات انتصار الثورة الإيرانية، وهي الزيارة التي بررتها الجماعة في بيان أصدرته الجمعة، بأنها مجرد “إجراء بروتوكولي”، وأنه لا بعد سياسيا لها، و”لا تعكس بأي من الأشكال تغيراً في مواقف الجماعة تجاه السياسة الإيرانية وتدخلها في لبنان، ورفضها الكلي لمشاركة حزب الله في الحرب السورية“.
كما أضاف بيان الجماعة –المنشور على صفحتها على الفيسبوك تحت عنوان “هذا بيان للناس”- أن الزيارة “تأتي في سياق العلاقات واللياقات الاجتماعية والدبلوماسية، وهي رداً على زيارة السفير الإيراني لمركز الجماعة وتهنئته لنا بانتخاب القيادة الجديدة للجماعة”.
وقالت الجماعة في بيانها: “كل القيادات والمسؤولين اللبنانيين ورجال الدين المسلمين والمسيحيين والأحزاب على اختلاف مشاربها كانت مشاركة في اللقاء ضمن هذا الجو وخصوصاً ممثل دولة الرئيس سعد الحريري رئيس تيار المستقبل وممثل دولة الرئيس نجيب ميقاتي وكل القيادات السنية على تنوعها”.
واستنكارا لموقف الجماعة وتعليقا منه على بيانها قال الدكتور باسم سليمان: “وما التبرير الذي جاء على لسان النائب السابق للجماعة أسعد هرموش بعد حملة الإدانة الكبيرة داخل الشارع السني بشكل عام والبيت الواحد بشكل خاص إلا مزيدا من الإصرار على الخطأ الفادح وعدم الاعتراف ولو لمرة بالأخطاء المتكررة التي توالت منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مرورا بالثورة السورية المباركة وحتى يومنا هذا”.
وأضاف قائلا: “بالنهاية لا الرئيس الحريري ولا ميقاتي عندهم حزب إسلامي، وهم أقرب للعلمانية والمصالح الدنيوية منهم إلى تحكيم شرع الله، أما التلطي خلفهم والقول بأنهم شاركوا أيضا فهو النفاق وعذر أقبح من ذنب لتغطية تلك الخيانة لدماء الشهداء، لو كنتم جماعة أو حزب علماني والله ما كنا انتقدناكم لأننا لا نهتم لأمثال هؤلاء أصحاب الدنيا، لكننا ننتقد من يدعون مخافة الله والسير على كتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- بينما على الأرض هم أقرب للعلمانية والمصالح الدنيوية الرخيصة .
واختتم قائلا: “لن يأتي الفرج والنصر إلا بعد تنظيف الصفوف من العملاء الخونة ، ومن بعدها توحيد كل صفوف الأمة للدفاع عن مقدساتها واراضيها وشعوبها المستضعفة من قبل كل شياطين العالم . وما العتب إلا على قدر المحبة والخوف على مستقبل الأمة”.
اعتذارات واستنكارات داخلية
وقد استنكر عدد من أعضاء الجماعة نفسها هذه الزيارة؛ بل اعتذر بعضهم عنها؛ حيث قال المسؤول السياسي للجماعة في طرابلس والشمال إيهاب نافع: “تعقيباً على زيارة وفد من الجماعة الاسلامية في لبنان للسفارة الايرانية، أتقدم باعتذاري لكل الشعوب التي تعرضت للاحتلال الإيراني وقمعه، ومن أهلنا في لبنان والشمال وطرابلس خصوصاً، حيث لم تغب عن أعيننا تلك الدماء الطاهرة التي سالت على أيدي العصابات الايرانية وما زالت إلى الآن، وان كنت أعرف أن اعتذاري لن يخفف من الصدمة شيئاً ولكنها كلمة حقّ في زمن عزّ فيه الحقّ . والله غالب على أمره”.
أما الشيخ أحمد العمري -رئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان وعضو مجلس امناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- فقال مستنكرا الزيارة أيضا: “ما فعله أعضاء المكتب السياسي خطأ وخطيئة وربما مخالفة تنظيمية حتى لو اجتمعوا وقرروا؛ فزيارة من ذبحوا الشعب السوري والعراقي، ودنسوا وهدموا المساجد تحتاج إلى موافقة شرعية من أعلى جهة في الجماعة (المكتب العام واللجنة الشرعية في الشورى)؛ أن إيران باتت دولة معتدية وباغية؛ فكيف نهنئ الباغي والمعتدي والله يقول: {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، هذا إذا اعتبرناها من المؤمنين”، على حد قوله.