“يوم الفلانتاين أو عيد العشاق”، إحدى المظاهر التي يتكرر اهتمام عدد من الناس بها في شهر فبراير من كل عام، وهذا المصطلح غزا بلادنا الإسلامية ولم يكن المسلمون يعرفون ما هو “الفلانتين”.
إنه دخيل على المجتمعات الإسلامية، فقد جاء في الموسوعات عن هذا اليوم أن الرومان كانوا يحتفلون بعيد يدعى “لوبركيليا” في 15 فبراير من كل عام، وفيه عادات وطقوس وثنية؛ حيث كانوا يقدمون القرابين لآلهتهم المزعومة، كي تحمي مراعيهم من الذئاب، وكان هذا اليوم يوافق عندهم عطلة الربيع؛ حيث كان حسابهم للشهور يختلف عن الحساب الموجود حالياً، ولكن حدثاً ما غير هذا اليوم ليصبح عندهم 14 فبراير في روما في القرن الثالث الميلادي.
وفي تلك الآونة، كان الدين النصراني في بداية نشأته، حينها كان يحكم الإمبراطورية الرومانية الإمبراطور كلايديس الثاني، الذي حرم الزواج على الجنود حتى لا يشغلهم عن خوض الحروب، لكن القديس “فالنتاين” تصدى لهذا الحكم، وكان يتم عقود الزواج سراً، ولكن سرعان ما افتضح أمره وحكم عليه بالإعدام، وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان، وكان هذا سراً حيث يحرم على القساوسة والرهبان في شريعة النصارى الزواج وتكوين العلاقات العاطفية، وإنما شفع له لدى النصارى ثباته على النصرانية حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفو عنه على أن يترك النصرانية ليعبد آلهة الرومان ويكون لديه من المقربين ويجعله صهراً له، إلا أن “فالنتاين” رفض هذا العرض وآثر النصرانية فنفذ فيه حكم الإعدام يوم 14 فبراير عام 270م ليلة 15 فبراير، ومن يومها أطلق عليه لقب “قديس”.
وبعد سنين عندما انتشرت النصرانية في أوروبا وأصبح لها السيادة تغيرت عطلة الربيع، وأصبح العيد في 14 فبراير اسمه عيد القديس “فالنتاين” إحياء لذكراه؛ لأنه فدى النصرانية بروحه وقام برعاية المحبين، وأصبح من طقوس ذلك اليوم تبادل الورود الحمراء وبطاقات بها صور “كيوبيد” الممثل بطفل له جناحان يحمل قوساً ونشاباً، وهو إله الحب لدى الرومان كانوا يعبدونه من دون الله! وقد جاءت روايات مختلفة عن هذا اليوم وذاك الرجل، ولكنها كلها تدور حول هذه المعاني.
هذا هو ذلك اليوم الذي يحتفل به ويعظمه كثيرٌ من شباب المسلمين ونسائهم، وربما لا يدركون حقيقته.
الرأي الشرعي
أما الرأي الشرعي فيما يسمى بعيد الحب، فلا يجوز للمسلم الاحتفال بشيء من أعياد الكفار؛ لأن العيد من جملة الشرع الذي يجب التقيد فيه بالنص.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله سبحانه عنها: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) (المائدة:48)، وقال: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ) (الحج:67) كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد، ومشاركتهم في سائر المناهج؛ فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة.
وأما مبدؤه فأقل أحواله أن تكون معصية، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “إن لكل قوم عيداً، وإن هذا عيدنا”، وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار (لباس كان خاصاً بأهل الذمة) ونحوه من علاماتهم؛ فإن تلك علامة وضعية ليست من الدين، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر، وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه”. انتهى من “اقتضاء الصراط المستقيم” (1/207).
وقال رحمه الله أيضاً: “لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران، ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة.
وبالجملة: “ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام، لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم”. انتهى من “مجموع الفتاوى” (25/329).