من الأشياء المبشِّرة في الآونة الأخيرة ازديادُ عدد المقبلين على القراءة، وكثرةُ المحبِّين للاطِّلاع على الكتب مِن جميع الأعمار والأصناف.
وعندما نقول: الكتب، فإنَّا نقصد جميعَها دون استثناء: علميةً دينية، وعلمية تجريبية، وفلسفيةً، وروائية.
والملاحَظ أيضًا إقبالُ أغلبِ المراهقين والشباب على الكتب الروائية؛ لأسباب عديدة.
لسنا هنا لمناقشة ما إن كانت القراءة في الروايات تعود سلبًا أو إيجابًا على القارئ، بل كلُّ قراءة ذات مضمون نافعٍ مفيدةٌ بلا شك، حتى الكتب التافهة يمكنك أن تستفيد منها بإدراكك لمواطنِ الخلل فيها، وكيف تكون التفاهة؛ حتى تتجنَّبَها في كتاباتك.
حالة القراءة هذه – خاصةً إن لاقت استجابة وإقبالًا من صاحبها – ربما أورثته انتفاشًا وفرحًا بما يظنُّ أنه حصَّله من قراءات متفرِّقة، لا ترتقي في سلَّم التصنيف العلميِّ إلى ثقافةٍ عامة متكاملة!
ومن هنا تبدأ الكارثة؛ حيث يحشُرُ صاحبُنا نفسَه في مسائلَ لا يملِك آليات قراءتها، فضلاً عن أن يبديَ فيها رأيه، ويُناطح فيها أهلَ الاختصاص؛ كل هذا بسبب عباراتٍ لطيفة ومنمَّقة رسخت في ذهنه بفضل قراءاته، لكن هذا النوعَ من القراءة لا يشفع لك إذا ما تجرَّأت على ما لا درايةَ لك به.
حتى تجني ثمارَ قراءتك، عليك بالصبر والاجتهاد في التحصيل، ولا سبيل غيرُ هذا السبيل، ومع مرور الأيام سيزيدك تحصيلُك للعلم علمًا بجهلك وحقيقة ما أنت فيه. فلا تتسرَّع وتُحاكِم جميع ما تراه بما عندك من معلومات، فإذا فعلتَ كنت كالذي ينظر للكون من ثقب إبرة.
وفي أبيات تُنسب للإمام الشافعي رحمه الله:
كلَّما أدَّبَني الدهر أراني نقصَ عقلي
وإذا ما ازددتُ علمًا زادني علمًا بجهلي
المصدر: موقع “الألوكة”