دعنا عزيزي القارئ نُعرف أولاً بالملا محمد الوهيب، ونورد في سياق هذا التعريف موقفاً مؤثراً يتكرر من حاكم الكويت آنذاك الشيخ سالم المبارك الصباح.
ولد المربي الفاضل الملا محمد عبدالله الوهيب في فريج العليوة بالكويت عام 1320هـ (1902م).
تلقى تعليمه الأولي بالكتّاب، ثم انتقل إلى المدرسة المباركية، حيث درس القراءة والكتابة، والقرآن الكريم، والتجويد، والنحو والصرف، على يد عدد من علماء الكويت، مثل: الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والأستاذ عبدالملك الصالح المبيض، والملا سعد السنين، والسيد عمر عاصم.
عمل بعد تخرجه مدرساً بالمدرسة المباركية ولم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ثم بمدرسة السعادة التي أسسها المحسن الكبير شملان بن علي آل سيف لتعليم الأيتام، كما عمل مدرساً في السالمية وإماماً لأحد مساجدها.
ومن زملائه في العمل بالتدريس: الملا سالم الحسينان، والملا محمد إسماعيل الغانم، والملا عبدالرحمن العلي الدعيج، والملا عثمان عبداللطيف العثمان، والملا عبدالله الحسيان، والأستاذ سليمان الرهيماني، والملا مرشد محمد السليمان، وأخوه الملا سليمان محمد السليمان، والملا محمد الشايجي.
أما تلاميذه فكثيرون، منهم: الشيخ صباح السالم الصباح، والشيخ علي صباح السالم الصباح، والشيخ أحمد صباح السالم الصباح، والشيخ محمد صباح السالم الصباح، والشيخ بدر صباح السالم الصباح، والشيخ سعود ناصر الصباح، والشيخ عبدالعزيز سعود الصباح، والشيخ سالم صباح الناصر، وكل من السادة: د. عبدالمحسن المدعج، وجاسم المضف، وسالم الحماد، ود. عبدالعزيز الغانم، وعبـدالله الفرحان، ود. خالد الوسمي، والعميد أحمد محمد الوهيب.
وقد عمل المربي الفاضل فترة من حياته ببعض الأعمال الأخرى، حيث عمل نوخذة غوص، كما اشتغل بالتجارة، فكان له دكان لبيع الأرز والتمر، وكان أكثر زبائنه من أهل البادية، الذين يأتون إلى المدينة ليتزودون بالضروريات من حاجاتهم المعيشية.
كان المربي الفاضل يقرأ “الثُّمن” كل يوم بعد صلاة العصر في مسجد السوق، إذ كان صوته جميلاً، يبعث على الخشوع والسكينة، و”الثُّمن” مصطلح يطلق على ثُمن جزء من أجزاء القرآن الكريم، أي ربع حزب، حيث إن كل جزء من أجزاء القرآن الكريم البالغ عددها ثلاثين جزءاً ينقسم إلى حزبين.
وكان الشيخ سالم المبارك الصباح، حاكم الكويت آنذاك، يصلي العصر كل يوم في مسجد السوق، ثم يستمع وينصت إلى تلاوة الملا محمد عبدالله الوهيب، ذي الصوت الجميل الحسن، ويذكر معاصروه أنه كان ينصت خاشعاً وكثيراً ما كان يبكي حتى تبتل لحيته، حين يتلو المربي الفاضل الملا محمد عبدالله الوهيب آيات الوعد أو الوعيد أو أخبار الأمم السابقة، وما بها من عظة وعبرة لكل معتبر.
وكان المربي الفاضل، مع ورعه وتقاه، يجمع بين الجد والمرح، كل حسب الموقف، فلكل مقام مقال، ولكل حادث حديث، كما يقال.
انتقل إلى جوار ربه عام 1413هـ (6/ 10/ 1992م) عن عمر يناهز 92 عاماً، فرحمه الله رحمة واسعة، جزاء ما قدم للعلم والتربية وديننا الحنيف.