لم تنته مصيبة المسلمين في الأندلس بزوال حكمهم ورحيل سلطانهم أبي عبد الله الصغير إلى المغرب، فقد ذكرت المصادر التاريخية أن المسلمين الباقين في الأندلس عاشوا حياة صعبة بعد زوال الحكم الإسلامي عن إسبانيا، بل حلت مصيبة كبرى بهم؛ حيث نقض الملكان الكاثوليكيان المتطرفان الملك فرديناند والملكة إيزابيلا العهد الذي أبرم معهم، ووضعا خطة إبادة للمسلمين في الأندلس لعقيدتهم الدينية، فشكلا محاكم التفتيش التي تتعقب من يؤدي شعائر الإسلام بأية صورة، فكان من جراء ذلك أن أظهر عدد من المسلمين المسيحية وأبطنوا الإسلام، وهم (الموريسكيون) أي المسلمون الصغار.
وبقي المسلمون في الأندلس أو الموريسكيون هؤلاء يقاومون الاضطهاد ما يزيد على القرن من الزمان، وعلى الرغم من كل وسائل العنف والإرهاب التي استعملتها السلطات ومحاكم التفتيش في تنصير الموريسكيين أو المسلمين الصغار، إلا أنهم استمروا في ممارسة شعائر دينهم بصورة سرية، فكانوا يؤدون فروض الصلاة سرًا في بيوتهم، وكانوا يصومون سرا، وكانوا يغلقون بيوتهم يوم الأحد حتى تعتقد السلطات الإسبانية المجرمة ذهابهم إلى الكنيسة.
ولكي يدخل الموريسكيون أو المسلمون الصغار النصرانية كان لابد من تعميدهم وتعميد أطفالهم، فكانوا يذهبون قسرا للكنيسة لإجراء عملية التعميد ثم يقومون بغسل أطفالهم بعد رجوعهم إلى بيوتهم مباشرة، وكانوا يعقدون حفلات الزواج على الطريقة الإسلامية سرًا بعد إجراء الاحتفال العلني في الكنيسة.
ولهذا أصبحت تعاليم الإسلام وممارساته تقاليد موروثة، يتوارثها الأبناء عن الآباء جيلًا بعد جيل في حلقات مغلقة، لها صفة المجالس السرية.
المصدر: موقع “قصة الإسلام”