أيّد المفكر الإسلامي د. طارق السويدان الضربة الأمريكية التي أمر بها ترمب واستهدفت قاعدة عسكرية في سورية الجمعة.
وقال السويدان: أؤيد أي جهد عسكري أو غيره لرفع المعاناة عن الشعب السوري الكريم، ومن يعترض على ذلك فكان الواجب عليه أن يعترض على ما تفعله روسيا وإيران ويقترح حلاً حقيقياً لمواجهتهما.
وسرد السويدان مبرراته في منشور له على “فيسبوك”، وهذا نصه.
الموقف من الغارة الأمريكية على سورية:
انطلاقاً من شعوري بالواجب تجاه شباب الأمة ليتخذوا مواقفهم بمنهجية وبدون عاطفية وجدت لزاماً عليَّ أن أشرح موقفي من الغارات الأمريكية على سورية، وقبل الحديث عن الموقف دعونا نؤكد المعاني التالية:
١- الإسلام منهج قويم ودين العزة والقوة (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، وأي خلل فهو عند المسلمين ويجب ألا يتم تحميله على الإسلام لأن المسلمين موعودون بالنصر إذا التزموا بالإسلام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
٢- كل النكبات والشهداء والضحايا والخسائر في سورية سببها نظام الأسد الطاغية، فهو الذي جرَّ سورية العظيمة إلى أوحال الاستبداد ودركات الطغيان، وهو الذي واجه بالبطش طلبات شعبه بالحرية والكرامة.
٣- لا يجوز ولا يصح تحميل الثورة السورية أي مسؤولية، فالشعب السوري تم اضطهاده وعندما طالب بالحرية والكرامة بطريقة سلمية واجهه نظام الطاغية بالبطش والقتل وغارات البراميل المتفجرة والغازات السامة!
فلا يجوز تحميل الضحية جريرة الجزار.
٤- تشترك إيران و”حزب الله” وروسيا في كامل الجريمة؛ حيث شاركوا فيها بالنفس والسلاح والمال والمستشارين فاكتملت في حقهم أركان الجريمة كاملة.
٥- وتشترك عصابة “داعش” كذلك في كامل الجريمة؛ حيث شاركت بشكل مباشر في جرائم همجية ضد الأبرياء ووجهت معظم معاركها تجاه الشعب الثائر لشرفه وكرامته، بدلاً من توجيهها لنظام بشار والكيان الصهيوني (سوى نزر قليل لذر الرماد في العيون).
٦- كما أن لعصابة “داعش” إثماً مضاعفاً حيث أعطت مبرراً استغلته روسيا وإيران و”حزب الله” للتدخل المباشر (رغم أنهم كانوا على كل حال سيدخلون لإنقاذ نظام بشار الذي كان سيتهاوى لولا تدخلهم).
٧- ولعصابة “داعش” وبقايا “القاعدة” إثم ثالث؛ حيث أعطوا التبرير لأمريكا لقيادة تحالف دولي يتدخل في سورية باسم محاربة الإرهاب، فتحولت سورية من ثورة شعب ضد الاستبداد إلى موقع للصراع الإقليمي والدولي.
٨- ويشترك بعض قادة العرب في الجريمة في سورية عندما تفرجوا ولم ينصروا الشعب المظلوم الذي استصرخهم (ويرتفع الإثم عمن دعم السوريين بشكل جاد).
٩- كما يشترك الحكام الطغاة والشعوب التي رضيت بهم في جريمة استمرار تمزق الأمة؛ مما جعلها ضعيفة وصدق فيها الوصف النبوي: “يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت”.
١٠- النصر الحقيقي لا يأتي من الشرق أو الغرب، وإنما بالعلاج الجذري لكل الأمور أعلاه.
الموقف:
بناء على كل الأمور السابقة:
ورغم أني ضد التدخل الأجنبي في شؤون أي دولة إسلامية أو عربية وغيرها، ورغم أنه يؤلمني تدمير المقدرات العسكرية التي تم شراؤها بأموال الشعب (لكنها لا تستعمل إلا ضد الشعوب وليس ضد أعداء الأمة).
ورغم أني كنت أتمنى أن تتم نصرة الشعب السوري بالقوات الإسلامية والعربية فقط (لكنها عاجزة عن ذلك).
ورغم أني أعلم أن ترمب وإدارته ينظرون إلى مصالحهم وليس مصلحة السوريين، وبالنظر إلى طول معاناة الشعب السوري المنكوب، وبالنظر إلى أن روسيا وإيران والعصابات التابعة لها تسرح وتمرح في سورية دون أن يوقفها أحد مما يزيد في المعاناة ويطيل أمد الأزمة وبالنظر إلى أن سلاح الطيران (السوري والروسي) هو السبب الرئيس لاستمرار المِحنة السورية
فإني لا يسعني سوى أن أؤيد أي جهد عسكري أو غيره لرفع المعاناة عن الشعب السوري الكريم (كما أيد هذه الضربة من يمثل الثورة السورية).
وبشرط أن تتوجه الضربات نحو المواقع العسكرية (كما حدث في الضربة الأمريكية اليوم) مع تجنب كامل للمواقع المدنية، ومن يعترض على ذلك فكان الواجب عليه أن يعترض على ما تفعله روسيا وإيران ويقترح حلاً حقيقياً لمواجهتهما.
وفِي الختام أدعو الله أن يرفع المعاناة عن الشعب السوري وكل شعوب الأمة وكل المستضعفين في الأرض، وأدعوه سبحانه وهو القادر القوي أن يعز أمتنا وينصرها على أعداء الظاهر والباطن.
اللهم تقبل الشهداء الأبرار، وخفف آلام المصابين وأَسْبَغ عليهم الصحة التامة، وحرر السجناء والمعتقلين من سجون الطغاة والمحتلين، وأخلفهم جميعاً في أهليهم خيراً يا كريم.
اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرج الأمة والمستضعفين من بين أيديهم سالمين، وأعنا لنقوم بواجبنا لنهضة أمتنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.