أمام توسع رقعة الاحتجاجات في تونس، وتحوّلها إلى أزمة سياسية وموضوع مزايدات واتهامات بين الأحزاب، يسعى رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، إلى تطويق تداعياتها قبل استفحالها ودخولها منطقة اللاعودة.
وفي السياق، التقى الشاهد، أمس السبت، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، الذي بدا “أكثر هدوءاً وعقلانية” من كثير من الشخصيات السياسية، إذ تباحث الطرفان الوضع العام في البلاد وكيفية الخروج من الأزمة.
ويُنتظر أن يتوجه رئيس الحكومة، الليلة، إلى التونسيين عبر حوار سيبث على عدد من القنوات الإذاعية والتلفزية، ويراهن متابعون على أن يصارح الشاهد خلاله التونسيين بحقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ويقدم تصوّر حكومته للخروج من هذه الأزمة، التي تحوّلت إلى رهانات سياسية بامتياز قبيل الانتخابات البلدية.
وفيما وجّهت بعض الأحزاب دعوات إلى التهدئة وعدم استغلال الاحتجاجات لغايات حزبية، أعلنت أخرى انضمامها للاحتجاجات ودعت أنصارها للالتحاق بالمحتجين، ووجهت أخرى اتهامات لمكونات الائتلاف الحاكم بالوقوف وراءها، فيما اتهمت المعارضة بتأجيجها.
وقال رئيس كتلة “نداء تونس” بالبرلمان، سفيان طوبال، إن “أحزاب المعارضة سعت إلى توجيه التحركات الاحتجاجية السلمية التي شهدتها ولايات الجنوب واستغلالها سياسيا”، معتبرا أن “شباب تطاوين قدم درسا لكافة الأحزاب، بما فيها الأحزاب الحاكمة، بعد أن قام بطردها جميعا”.
وأعلن “شباب تطاوين”، أمس السبت، رفضه حضور كل الأحزاب في الاجتماع الذي جمعهم بمبعوث الحكومة وزير التكوين المهني والتشغيل، عماد الحمامي، للتحاور مع المحتجين.
وأكدّ المتحدث باسم تنسيقيات المعتصمين بتطاوين، طارق حداد، لـ”العربي الجديد”، أن التنسيقية وممثلي المعتصمين رفضوا حضور الأحزاب والمنظمات للاجتماع، وهددوا بمغادرة القاعة إن حضرت أية أطراف أخرى.
وقال حداد إنه “تم إمهال الحكومة لمدة أسبوع، بعد الوعود التي تلقاها المعتصمون أمس السبت أثناء الاجتماع الذي جمعهم بالحمامي، والذي تعهد بتسوية مطالب المحتجين والنظر في المطالب العاجلة”.
وأضاف، أيضا، أنهم أُبلغوا بأن هناك قرارات فورية سيتم تفعيلها لفائدة الجهة، وأن رئيس الحكومة سيشرف على مجلس وزاري بالجهة وسيعلن عن مجموعة من القرارات.
وبيّن المتحدث باسم تنسيقيات المعتصمين بتطاوين أن من بين أهم المطالب العاجلة التي طالبوا بتنفيذها تشغيل فرد من كل عائلة في الشركات البترولية العاملة بالجهة، وتخصيص نسبة مئوية من عائدات النفط للتنمية بتطاوين، إضافة إلى إنشاء مقرات للشركات الأمّ بالجهة.
وأشار إلى أنه تم إقرار هذه الهدنة دون تصعيد للتحركات الاحتجاجية بتطاوين، في انتظار وفاء الحكومة بتعهداتها، مبينا أنه تم الإبقاء على خيام المعتصمين بكافة أنحاء المنطقة إلى حين تفعيل المطالب، وأنه في عدم تنفيذ الوعود فإن الاعتصامات ستعود أكثر حدة.
وأكد حداد أن “الوضع في تطاوين يتسم حاليا بالهدوء الحذر”، وأن حركة المرور بالطرقات عادت إلى وضعها الطبيعي، مبينا أن “المحتجين في انتظار تنفيذ الوعود، لأنهم سئموا من التسويف ومن الوعود التي لا تنفذ، فأغلب الشباب عاطل عن العمل ويجلس في المقاهي دون أي طموح”.
وأوضح أن “الحكومات المتعاقبة منذ الثورة لم تف بالتزاماتها تجاه شباب تطاوين”، مشيرا إلى أن “الاحتجاجات التي اندلعت في تطاوين منذ فترة كانت مؤطرة وسلمية، وأنهم لن يعمدوا إلى العنف أو الاعتداء على مؤسسات عمومية”.