سبق أن تكلمت عن عائلة الجسار الكريمة وشخصياتها قديماً وحديثاً، وغيرها من العائلات الكويتية الكريمة وعن أحد رجالاتها الشيخ علي الجسار شقيق نجم مقالتنا اليوم، ومن الإنصاف الآن الحديث عن المحاضر التربوية الأولى التي احتضنت شخصيات هذه العائلات فرعتها بالتربية والتوجيه.
أم عبدالكريم عبدالله السعيد نموذج كويتي رحل عن حياتنا الفانية يفسر أحد جوانب النجاح والتميز لعائلات مترابطة ناجحة اجتماعياً ووظيفياً بما مثلت من حضن تربوي واجتماعي وديني لأجيال متعددة.
– تنصح من حولها بشكل يدخل القلب ويشرح الصدر مستعينة بالحكم والفوائد والأشعار، فضلاً عن مخزون جيد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة.
– مثلت مدرسة كبيرة في صلة الرحم وصلة ذات البين، تواصلت بالصغير والكبير والغني والفقير في تواضع جم وتواصل طيب مع الجميع.
– قدمت أسوة حسنة للكرم والطيب وحب الوطن، ومثلت الأم الكويتية الفاضلة دون حاجة إلى تشجيع ومسابقات للأم المثالية، وكم من أمهات مثلن نجوماً تتلألأ في سماء الأمومة دون أضواء ولا ضوضاء تعتبر كل واحدة منهن أساس اختيار الأم المثالية لكن بعيداً عن الرسميات، وهي واحدة منهن، وخير شاهد على ذلك تلك البيوتات الكويتية التي رعتها أماً وجدة تنعم باستقرار اجتماعي يمثل أسوة حسنة للعائلات الكويتية السعيدة، فهي مظلة اجتماعية جميلة رعت جيلي الأبناء والأحفاد، بل امتد تواصلها الاجتماعي الدافئ مع جميع من استطاعت الوصول إليه من أهل الكويت لأداء الواجب تجاههم في أفراحهم وأتراحهم وخصوصاً مجالس العزاء للصغير قبل الكبير، والفقير قبل الغني، في زيارات لا تؤديها في إطار أداء الواجب ثم تنصرف بسرعة، بل توجه على هامشها توجيهاً إيمانياً أو اجتماعياً لطيفاً حتى وهي مريضة وقد تقدم بها العمر، يعبق مجلسها بذكر الله تعالى، فيخلو من الغيبة والأمراض الاجتماعية، تكثر الحمد والشكر، ترحب في مجلسها بأهل الكويت جميعهم، فقيرهم قبل غنيهم، صغيرهم وكبيرهم.
كان لا يفتر لسانها رحمها الله من النصح الدائم بحب الوطن وصلة الرحم، فكثيراً ما تردد لجلسائها عبارات جميلة جامعة للحس الوطني والتربوي في آن واحد:
هالله هالله بالكويت
حب الوطن من الإيمان
هالله هالله بالوصل
الوصل من الإيمان
أحسنت التوجيه فأنجبت ذرية طيبة مثلها، لها حضورها الاجتماعي الطيب الذي يعكس حسن تربيتها وجميل سيرتها الطيبة من هذه الذرية الحسنة أبناءً وأحفاداً ذكوراً وإناثاً.
نموذج تربوي اجتماعي جميل قد يتكرر في بيوتنا الكويتية والخليجية بعيداً عن الأضواء والضوضاء الإعلامية؛ لأنه مثل أعلى في التسامي وإنكار الذات وتوطين النفس على أداء الرسالة الاجتماعية والتربوية الحيوية.
رحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته.