نقف هنا مع شخصية اعتبارية جميلة، وهي الأسرة الكويتية ضمن منظومة العائلة الكويتية الأشمل في مزايا قد تشترك فيها مع الكثير من الأسر الخليجية والعربية بل والعالمية، يحدوها في ذلك التراحم والتكافل، والرحمة والعطف على ذوي الاحتياجات الخاصة.
كم هي كثيرة تلك الأسر الكويتية التي يعاني أحد أو بعض أفرادها من ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء في مجالي الإعاقات الذهنية أو الجسدية، وتتكيف حياة الأسرة كلها لتلبي هذه الاحتياجات الخاصة، مستشعرة الأجر والثواب من ناحية، وأداء الواجب الذي حتمه القدر عليها، ولا راد لقضاء الله تعالى، من جهة أخرى.
حامد خلف عبدالله الخلف السعيد نموذج لشخصية وديعة حبيبة لمن حولها، احتضنته عائلته الكريمة، ولربما مثل غيرها من الأسر الكويتية الكثيرة المماثلة، ومحل الشاهد هنا هو العناية المادية والمعنوية للأسرة الصغيرة والعائلة الكبيرة التي احتوت شخصيته ولبت جميع احتياجاته؛ فعاش معززاً مكرماً طوال حياته حتى رحيله رحمه الله، وتظل لكل من أصحاب الإعاقة خصوصياته التي يقدمها الأهل على كل الأولويات الأخرى.
ومن خصوصيات حامد رحمه الله تركيز عاطفته وذاكرته وأحاسيسه في المجال الرياضي، وتحديداً في كرة القدم، وتحديداً لتشجيع نادي “القادسية”؛ حيث كان هذا التشجيع محور اهتمامه فاستوعب طاقته وشغل عليه وقته وملأ فراغه وأوجد المجال المناسب للتفاعل الاجتماعي مع من حوله، ابتداءً من الدائرة الكبيرة وهي القاعدة الجماهيرية القدساوية الكبيرة التي استوعبته على المدرجات الصفراء، مروراً برواد ديوان الخلف السعيد العامر في الخالدية بجيليه المخضرم والشبابي، وانتهاء بأسرته الوفية من إخوته وأخواته الذين أولوه من الاهتمام بأدويته وشؤونه الخاصة، بما يحتاجه حتى آخر أيام حياته بكل محبة وطيب نفس واستشعار للأجر والثواب.
وكم هي مؤثرة تلك الصورة الحانية التي التقطتها عدسات المصورين للجمهور القدساوي الوفي الذي رفع لافتة كبيرة في المكان المعتاد الذي كان يحافظ عليه بين الجمهور الوفي، وقد كتب عليها القدساويون الأوفياء عبارة حانية: “الله يرحمك حامد الخلف السعيد ستبقى في قلوب الجماهير القدساوية”، رغم مرور عدة سنوات من انقطاعه عن المباريات لأسباب صحية سببها مرض السكر، وما أدراك ما مرض السكر؟ الذي ليس له من مسماه نصيب!
لقد تركزت اهتماماته في الشأن الرياضي، فكان يذهب إلى مبنى اتحاد الكرة في العديلية، وقد خصص له أهله سائقه الخاص ليأخذ نسخة من جدول مباريات القادسية، وقد ألفه العاملون هناك حتى أنهم كانوا أحياناً يفتقدون نسخة الجدول الواردة بالفاكس فيكتشفون أنه أخذها، ويتقبلون ذلك بصدر رحب، ويقابلون ذلك بابتساماتهم الأبوية الحانية، فضلاً عن امتلاكه ذاكرة أرشيفية متميزة لما يتعلق بنادي “القادسية” والكرة الكويتية، يتفوق بها – وبلا مبالغة – على ذاكرة بعض اللاعبين الذين لعبوا في المباريات المحلية والدولية القديمة، ويذكرها أفضل منهم، وقد كان مولعاً منذ صباه بنادي “القادسية”، حتى إنه كان يربط يده اليسرى بضماد طبي دون إصابة فيها محاكاة لجاسم يعقوب، نجم الملاعب الصفراء والزرقاء حين يصاب ويربط يده.
الحديث يطول في النماذج العائلية الكويتية الجميلة التي لا يكاد يخلو منها بيت كويتي دون كلل أو ضيق بذوي الاحتياجات الخاصة، بل بالإكرام والرعاية المادية والمعنوية الفائقتين.
عمار عليك يا كويت.