ليس سهلاً أن تخوض معركة مع عدو ظالم يتربص بك الدوائر، ويستغل كل فرصة من أجل ممارسة الإذلال، ألا أن سفراء فلسطين في الباستيلات الاحتلالية لديهم الإرادة على قهر السجن والسجان، ولسان حالهم يقول: لا تظن السجن قهراً، فرب سجن قاد نصراً.
في إضرابهم الحالي الذي شرع به في يوم الأسير الفلسطيني في السابع عشر من الشهر الجاري، كانت هناك آراء للأسرى وعائلاتهم، تتحدث عن دوافع قرارهم الصعب في خوض هذه المعركة القاسية.
إجراءات غير مسبوقة
الأسير محمد داود أبو غازي من قلقيلية في رسالة إلى عائلته قبل الإضراب والمحكوم بالسجن المؤبد، وأمضى 30 عاماً بتهمة قتل مستوطنين عام 1987م بزجاجة حارقة، شرح لعائلته مدى ظلم الإجراءات والممارسات اللاإنسانية التي يواجهونها من قبل إدارة السجن أثناء الزيارة قائلاً: لم يحدث في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية أن يتعرض الأسرى إلى عدة حملات مداهمة في الأسبوع الواحد وفي منتصف الليل، ويتم تعريتهم بشكل كامل أمام إخوانهم دون أي وازع من حياء أو شرف من قبل السجانين، هذا الأمر كما يقول الأسير محمد داود جعلنا نقرر أن الإضراب هو الوسيلة المتاحة لنا لرفع الظلم واستعادة الكرامة، التي تحاول إدارة السجن سلبها منا.
ويستذكر الأسير محمد الذي هرم في السجن كما يقول شقيقه وائل، في حديثه مع عائلته ما يتعرض له الأسرى من ذل وإهانة وخصوصاً أنهم في نظر إدارة السجن ارتكبوا عمليات قتل ويقول: ينظر إلينا السجانون وإدارة السجن العنصرية بخوف وترقب؛ لذا تكون الإجراءات قاسية غير محتملة، فالخروج من الغرفة يكون تحت إجراءات مشددة، والفورة ممنوعة في جميع الأحيان وصلاة الجمعة نحرم منها كثيراً، والأدوية مفقودة والرعاية الصحية لا تكاد تذكر.
وفي نهاية كلامه لعائلته: العلاج لمثل هذه التجاوزات الإضراب وخوض معركة؛ لإفهامهم أن الأسرى وراء القضبان هم أسود رابضة لهم قضيتهم التي ضحوا من أجلها، وأنهم ليسوا مجرد قتلة كما تصورهم إدارة السجن ومؤسستهم الأمنية.
الوضع لا يحتمل السكوت
عائلة الأسير سعيد ذياب المحكوم 27 عاماً قالت: الاحتلال اعتقل معظم أفراد العائلة، فقد اعتقل والدة الأسير سعيد عدة أشهر وشقيقه عمر، ولم يبق إلا أفراد العائلة الصغار ورب العائلة المشلول، وخلال الزيارة الأخيرة للأسير سعيد أخبرنا أن الوضع داخل السجون لا يحتمل السكوت على إجراءات إدارة السجون ومعاملتهم العنصرية، حيث يتم التعامل مع عائلات الأسرى على أنهم أسرى معتقلون أثناء الزيارة، ويخضعون إلى إجراءات تخدش حياء الأسرى وتمس كرامتهم.
وتضيف العائلة: لمسنا من حديث ابننا الأسير سعيد الإرادة الصلبة لدى أبناء الحركة الأسيرة لتحقيق المطالب، ولن تفلح إدارة السجن شق صفهم، وتشويه نضالهم وإظهار أن دوافع الإضراب خلافات داخلية.
لديهم تجارب
المحرر من حركة “فتح” أكرم منصور الذي أمضى 32 عاماً في الأسْر قال: الأسرى بدؤوا هذا الإضراب وهذه الفعاليات بعد أن سدت أمامهم كل الأبواب لإجبار مصلحة السجون على تلبية مطالبهم الإنسانية وإرجاع ما تم سحبه من إنجازات عمدتها الحركة الأسيرة بدماء لأكثر من 210 شهداء على مدار عمر الاحتلال.
وأشار منصور قائلاً: الأسرى لديهم من التجارب السابقة في كيفية إخضاع السجان ومصلحة السجون لمطالبهم الإنسانية والعادلة، فإرادة الأسرى لا يمكن أن تكسر مهما بلغت الإجراءات القمعية ذروتها.
معاناة
عائلة الأسير لطفي جعيدي المحكوم 13 عاماً تروي معاناة الأهالي أثناء الزيارة وتقول: في الزيارة الأخيرة قبل شهرين تقريباً وأثناء ذهابنا تعرضنا لعدة حواجز عسكرية بتفتيشنا، وعند وصولنا السجن كانت لنا معاملة أكثر سوءاً من الحواجز العسكرية، وذلك من خلال التفتيش الدقيق للأغراض والمعاملة المهينة للكبار والصغار وتعرية الرجال بشكل كامل.
وأضافت: أثناء الزيارة أخبرنا ابننا الأسير أن مصلحة السجون تسعى إلى تشديد القبضة عليهم بشكل استفزازي، وأوضحت قائلة: الإجراءات الأمنية المتبعة غير مسبوقة، ويقصد منها الإذلال والإهانة؛ كي يكون العقاب جماعياً يشمل الأسير وعائلته على حد سواء.
وتابعت قائلة: من خلال الحديث مع ابننا الأسير لطفي، هناك توجه في إنجاح الإضراب والصمود فيه مهما بلغت لتضحيات الجسام.