ابتداءً.. مبارك عليكم الشهر وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
فوجئت الشعوب الخليجية في الأسبوع الماضي بالواقع المأساوي الذي تعيشه العلاقات، التي يفترض أن تكون أخوية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بعد الزوبعة الإعلامية التي حدثت بين بعض هذه الدول! واكتشفت هذه الشعوب حجم الهشاشة في العلاقات بينها، واتضح للجميع أن هناك مؤسسات إعلامية عريقة جاهزة للفتنة وإثارتها ونشرها على أوسع نطاق؛ لأنها تدار من قبل مؤسسات ورموز لها أجندات تختلف عن أجندات مجلس التعاون، بل إنها على استعداد لضرب مؤسسة مجلس التعاون في مقتل من أجل تحقيق أهدافها وخططها! وكان بعضنا يرفض التفكير – مجرد التفكير – في وجود تباين في الأهداف بين دول المجلس إلى أن شاهد بأمِّ عينيه إحدى دوله تؤيد انفصال الجنوب اليمني عن شماله، في الوقت الذي لم تضع الحرب أوزارها ولم تحقق قوات التحالف الخليجي أهدافها، وكلنا يعرف خطورة وجود دولة حوثية في الشمال اليمني وملاصقة للتراب السعودي!
من مظاهر المأساة هذا التحامل الشديد من شعب دولة خليجية على دولة أخرى نتيجة التأجيج الإعلامي، الذي جاء على شكل فزعة لوطنه من دون تكليف النفس عناء التثبت من الأحداث وتسلسلها، مما يجعل مقولة خليجنا واحد وشعبنا واحد، موضع شك!
أثناء هذه الأزمة كانت معظم الشعوب الخليجية تشعر بالحسرة والندم على ما وصلنا إليه، بينما شاهدنا بعض مثقفينا جاهز للضرب بالمليان في هذا الجسد! ولم تسعفه ثقافته لمجرد التفكير في كيفية إصلاح الأوضاع بدلاً من نفخ الكير عليها!
في هذا التسونامي الإعلامي الذي ضرب العلاقات الخليجية في مقتل، اتضح للجميع أن المال الفاسد «عمل عمايله»، كما يقول إخواننا المصريون، في إثارة المزيد من الفتن والقلاقل! واليوم نشاهد التسابق على تملك هذه المنابر الإعلامية الفاسدة التي كل يوم لها معزب!
لئن كان الاتحاد الخليجي حلماً يراود مخيلة كل مواطن خليجي، فبعد هذه الأزمة الإعلامية نقول: حتى الحلم أصبح على ما يبدو صعب المنال، وأصبح أقصى طموحاتنا أن يظل مجلس التعاون على هيئته ولو شكلياً، وفي المساء يردد الصغار «خليجنا واحد وشعبنا واحد»!
(*) ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية