إن من أهم الفضائل التي جاءت بها الشريعة الإسلامية الغراء فضيلة الإحسان، والإحسان معنى شمولي لكل ما هو جميل وحسن من الأفعال والأقوال، وعندما نخصص الإحسان على الفقراء والمساكين أو بمعنى أشمل المحتاجين من هذه الأمة المباركة نكون قد انتقلنا بذلك إلى معنى الإنفاق والرعاية وتقديم الخير لهم بكل أنواعه من صدقات وزكاة وبذل وعطاء، وفي هذا المعنى جاء العديد من آيات القرآن الكريم، من ذلك قول المولى سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {134}﴾ (آل عمران)، وغيرها العديد من الآيات التي توضح فضل الإحسان ووجزاء المحسنين.
كما حثنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث شريفة على هذا المعنى العظيم، معنى الإحسان في كل شيء، من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “إِنَّ الله كتبَ الإِحسانَ على كل شيء، فإِذا قَتَلتم فأَحسِنوا القِتْلة، وإِذا ذَبَحْتُم فأحسنوا الذَّبحَ” (من حديث صحيح، أخرجه مسلم والترمذي).
وقد ضرب أهل الكويت الكرام أروع الأمثلة تطبيقاً لهذا الأمر الإلهي، والتوجيه النبوي الكريم، مبدأ الإحسان والنبل والمروءة، وتجلت أبهى صور هذا التعاون في أوقات الشدائد، فيظهر المعدن الأصيل لأهل هذا البلد المعطاء إلى جوار الفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات.
وتوضح هذه القصة الواقعية التي وردت في سلسلة “محسنون من بلدي”، إصدار بيت الزكاة، ص 89 – 95 (مستشار التحرير د. عبدالمحسن عبدالله الجارالله الخرافي)، مثالاً ونموذجاً لبطلها التاجر عبدالله عبداللطيف العثمان، وكان أحد التجار المعروفين بالإحسان والبذل والعطاء في عصره، كما عرف عنه الجود والكرم والفزعة لتفريج الكربات عن كل ذي حاجة وكل محتاج.
أما عن قصة إحسانه ومروءته ونبله في تفريج الكرب عن المحتاجين وأصحاب الحاجات ففيها من العبرة والعظة ما هو جدير بالذكر، وفيها أن التاجر عبدالله عبداللطيف العثمان كان يعمل في التجارة العقارية بعد تركه العمل الحكومي، فمنَّ الله عليه بالخير الوفير والنعم الكثيرة التي لم ينس الحمد والثناء لله عليها، فسعى إلى فعل الخيرات وخصص ديوانية للفقراء والمساكين يلتقي بهم ويتعرف على حاجاتهم وفتح قلبه للغارمين والمدينين والراهنين فسدد ديون الكثيرين غير منتظر من أصحابها السداد ومنح قروضاً كثيرة غير محددة الموعد ودون مطالبة بها فكان دائماً يفك ضيق المدين لحين ميسرة.
وأما عن موقفه النبيل وإحسانه الجميل، فقد جاءته امرأة ذات يوم بديوانه بالمرقاب، ولما وجدت الديوان مكتظاً بالناس جلست بعيداً عنهم على استحياء، شعر التاجر عبدالله عبداللطيف العثمان أن لها حاجة، فقام إليها وسألها عن حاجتها فقالت: توفي زوجي وترك بيتاً مرهوناً عند أحد المرابين وقد نفذت المحكمة حكم البيع وأصبحت أنا وأولادي بلا مأوى، فقال لها: اذهبي بأطفالك إلى بيتك وغداً إن شاء الله ستكون وثيقة البيت بين يديك، ثم أبلغ المرابي أن يحضر إلى مكتبه ليتسلم كامل الدين ويرد البيت إلى الأيتام وأمهم الأرملة المسكينة وقد فعل، ومما يذكر أن الدولة قامت بتثمين البيت بعد ذلك بمبلغ كبير، وانتفعت به الأم في تربية الأبناء وتعليمهم (رواية الكاتب الكويتي غانم يوسف الشاهين الغانم).
وقد عكست قصة التاجر عبدالله عبداللطيف العثمان أوجه الإحسان والمروءة المتأصلة عند أهل الكويت الطيبين وعند تجارها الكرماء، كما عكست الجانب الإيماني والوازع الديني والذي يتجلى في إكرام الضيف ومساعدة الفقراء وتفريج الكربات والعناية بالمساجد وحب الخير ونشر المعروف.