يشهد معبر قلنديا بوابة الوافدين من أبناء الضفة الغربية للقدس للصلاة في المسجد الأقصى في الجمع الرمضانية، أكبر تجمع بشري للفلسطينيين أمام حواجز الاحتلال الأمنية يصل تعداده قرابة 200 ألف مواطن.
“المجتمع” رصدت عدة مظاهر تراجيدية في الجمعة الرمضانية الثانية، تؤكد ألم الفلسطيني في ظل التسهيلات التي يزعم الاحتلال السماح بها في هذا الشهر الفضيل.
التظاهر بالعمى
الشاب مصطفى عوض من قرية عزبة سلمان جنوب قلقيلية عمره 37 عاماً ولم يصل إلى الحد المسموح به لدخول القدس وهو 40 عاماً حسب رزمة التسهيلات التي زعم الاحتلال أنه أعدها للفلسطينيين، أعد نظارة سوداء ودشداشة بيضاء، وطلب من أحد كبار السن أن يصطحبه حتى يمر من معبر قلنديا وتظاهر بأنه شاب أعمى.
مراسل “المجتمع” تابع المشهد من البداية ويضيف: قبل الوصول إلى الجندي الأول أعد الشاب مصطفى عوض العدة من وضع النظارة على عينيه، ووضع يده على ظهر المواطن المسن كما يفعل الكفيف في صحبة مبصر، وعند الوصول أظهر المسن بطاقته وطلب بطاقة الكفيف، وعندما اطلع على سن الكفيف أمر الجندي الجنود بإعادته بقوة حتى لو كان كفيفاً، ذهب المسن إلى البوابة الثانية والجنود اقتادوا الكفيف بقوة خارج البوابة الأولى مع صراخ وشتم لأنه جاء وعمره أقل من 40 عاماً.
“المجتمع” التقت الشاب مصطفى عوض بعد إعادته وقال: في الجمعة الرمضانية الأولى استطعت الدخول إلى القدس بهذه الطريقة، فالفلسطيني يتظاهر بالمرض والعمى من أجل أن يدخل القدس والصلاة في المسجد الأقصى، وسوف أدخل من المسار الثاني وأتظاهر بالعمى حتى أدخل، فالمسار الأول لا أستطيع أن أدخله لأن الجنود عرفوا شخصيتي.
ويتابع قائلاً: أنا أعشق القدس وأعلم مخاطر هذه الحيلة إذا اكتشف أمري، ولكن الأقصى يستحق التضحية، فهذه أسهل طريقة لدخول القدس، وهناك وسائل تسلق الجدار إلا أن الانتشار الأمني وخطورة الإصابة من التسلق والملاحقة كبيرة جداً وقد عايشتها.
“المجتمع” التقت الشاب مصطفى عوض في ساحات المسجد الأقصى مبصراً مبتهجاً، وقال: صممت على الدخول ودخلت من المسار الثاني متظاهراً بالعمى، وأنا الآن مبصر أتمتع بالقدس ومسجدها.
بطاقة صاحبه
ومن الحيل التي عمد إليها الشباب الفلسطيني على معبر قلنديا، الدخول ببطاقة هوية لصاحب أو قريب تجاوز عمره الأربعين عاماً.
الشاب نضال يقول لـ”المجتمع”: عمري 38 عاماً، وعندما ذهبت للبوابة الأولى أمسك بي الجنود بقوة وأخرجوني وهددوني إذا عاودت الرجوع، وعندما وقفت حزيناً، جاءني قريب وقال لي: سوف أدخلك ببطاقتي الشخصية، تدخل أنت وترجعها لي من خلال الخارجين من المعبر، فهناك أشخاص من أبناء القدس وغيرها يخرجون وقت الدخول، وبالفعل أخذت بطاقته وتقدمت إلى المسار الثاني وقلبي يرجف خوفاً من اكتشاف أمري، وعند الوصول لململت قوتي ورفعت البطاقة برباطة جأش وعدم اكتراث، وعندما سمعت كلمة “يلا” رقص قلبي فرحاً، وبعد خطوات طلب مني أحد الجنود عدم دخول الممر الإنساني والذهاب إلى المعاطات الأمنية، وهنا عاد الخوف مجدداً، فهناك قد أتعرض للفحص الدقيق، وسرت مع مجموعة من الوافدين، وعند نافذة الفحص أشار الجندي بالمرور، وهنا عادت رقصة القلب من جديد فرحاً بدخول القدس، ووقفت عند معبر الخروج وقلت لأحد الخارجين: هذه بطاقة لأحد أقاربي ينتظر هناك فوافق على نقلها له.
أصم وأبكم.. وبطاقته الضائعة
أحد الوافدين أصم وأبكم ضاعته بطاقته، وأخذ الجنود ينادون عبر مكبرات الصوت التابعة لهم عن حسن رجبي عدة مرات، وبعد أن فطن أحد المواطنين أن من يقف بجانبه أصم وأبكم، أخذ يصرخ: هذا صاحب البطاقة، فطلب منه الجنود الحضور، فلم يفهم عليهم وأخبروا الجنود أنه لا يسمع ولا يتكلم، وكان الجواب الصراخ وعدم تسليم البطاقة.
رامي.. وغاز الفلفل
إحدى الحالات التي التقتها “المجتمع” الشاب رامي عويصي من قلقيلية وهو شقيق شهيدة، وعمره لم يصل الأربعين عاماً، وعند وصوله المسار الأول زجره الجنود بقوة وأرجعوه بعد لكمه عدة لكمات على ظهره.
يقول رامي لـ”المجتمع”: تعرضت على معبر قلنديا للإهانة، وقررت التهريب مع الشباب الذين قرروا الذهاب إلى منطقة الجدار، وعندما وصلت إلى احدى الفتحات أمسك بي جندي، وحاولت أن أهرب، وكانت المسافة بيني وبينه مسافة الصفر، واستخدم غاز الفلفل برشه على وجهي، وفقدت البصر فترة زمنية والوجع مازال يؤلمني من الفلفل والضرب من قبل الجنود الحاقدين.