تصاعدت خلال الأشهر الماضية ظاهرة نهب جيش الاحتلال الإسرائيلي أملاكًا فلسطينية خاصّة خلال حملات المداهمة اليومية في مدن الضّفة الغربية المحتلة.
وحازت محافظة الخليل على النّصيب الأعلى من عمليات النهب التي طالت في معظم الأحيان مبالغ مالية ومصاغات ذهبية وسيارات حديثة بذريعة أنّها أموال تتبع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ولم يشفع لعائلة القيادي في حركة حماس عبد الخالق النتشة غيابه أكثر من عشرين رمضانًا عنها باستثناء العام الماضي ومنتصف هذا الشّهر من أن يعيد الاحتلال اعتقاله من جديد.
لكنّ الاعتقال هذه المرّة لم يكن كمثل أيّ اعتقال سابق، وفق زوجته، إذ إن جنود الاحتلال لم يكتفوا باعتقال زوجها بل نهبوا مصاغاتها الذهبية وما توفّر من مبالغ مالية كانت بحوزة العائلة.
سلب الممتلكات
وتقول الزوجة “أم جبير” لمراسل “صفا” إن جنود الاحتلال نهبوا الجيب الخاص بها وأجبروا زوجها على التوقيع على ورقة “المصادرة”، والتي يدّعي فيها أنه والمصاغات الذهبية أملاك تتبع لحركة حماس.
هذا الأمر تكرر في نفس الليلة مع الأسير ضرار أبو منشار، الذي أعاد الاحتلال اعتقاله بعد أقلّ من عام على الإفراج عنه من سجون الاحتلال.
وتقول زوجة الأسير أبو منشار لمراسل “صفا” إنّ الجيش اقتحم المنزل، فاعتقدت العائلة أن الأمر لن يتعدى استدعاء زوجها، لكنّ الضابط في مخابرات الاحتلال المسؤول عن القوة أبلغه بقرار الاعتقال.
وتشير إلى أنّ زوجها كان ينوي تناول السّحور مع أطفاله، لكنّ جنود الاحتلال رفضوا ذلك، واعتقلوه دون مراعاة مشاعر الأطفال.
وتضيف “أطفالي في كلّ مرة يعيشون حالة سيئة جراء تغييب والدهم بسبب الاعتقالات المتكررة وتحويله للاعتقال الإداري مرارًا”.
وتلفت “أم محمد” إلى أنّ جنود الاحتلال سرقوا مفتاح مركبة العائلة أثناء المداهمة، رغم تأكيد الزوجة أنها ملك خاص لها، لكنّ الضابط المسؤول لم يكترث للأمر، واقتاد الجنود المركبة من المكان ونقلوها إلى جهة مجهولة.
وتكرّر نهب الممتلكات أيضًا مع عدد من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال بنفس الذريعة، الأمر الذي دفع عددًا منهم لرفع دعوى قضائية ضدّ الجيش للمطالبة بأملاكهم، إلّا أنّهم لم يحصلوا على نتائج حتى اليوم.
“قانون بريطاني انتهى”
ويرى المختص في الشؤون العبرية جلال رمانة أنّ جذور الإجراء العسكري الإسرائيلي المتمثل بـ”المصادرة” يعود إلى قانون الطوارئ الذي أقره الانتداب البريطاني لفلسطين عام 1945.
ويلفت رمانة في حديثه لمراسل “صفا” إلى أنّ هذا القانون يشمل توسيع صلاحيات ما يسمّى بالحاكم العسكري والإداري، باتّخاذه إجراءات تنكيلية وتعسّفية بحقّ الشّعب الذي يقع تحت الاحتلال، لافتًا إلى أن بريطانيا ألغت القانون المذكور منذ زمن بعيد، لكنّ “إسرائيل” ما تزال متشبّثة به لمعاقبة الفلسطينيين.
وحول هدف عمليات النهب، يرى المختص في الشئون العبرية أنّها “قد تكون اجتهادات من جانب ضبّاط مخابرات الاحتلال المسؤولين عن المناطق الفلسطينية، تحت ما يسمّى كبح العمل المقاوم قبل أن يقع، ومعاقبة من يختارون النّهج المناهض للاحتلال”.
ويؤكد أنّ هذه الإجراءات تصنّف ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقّ أبناء شّعبنا، ولاسيما المنخرطين في التنظيمات والفصائل المقاومة لـ”إسرائيل”، وتتنوع ما بين سلب مبالغ مالية أو ممتلكات أو إغلاق بيوت، واعتقالات إدارية ومنع للسفر ومراقبة للهواتف واستدعاءات واقتحامات متكررة.
وعن جدوى الأمر على الأرض، يعتقد رمانة ألا جدوى يمكن أن يحقّقها الاحتلال من عمليات السلب، غير أنها تساعد في تأجيج الصراع على الأرض، وقد تكون أسبابًا في الكثير من ردود الفعل.
ويضيف أنّ “هذه الإجراءات تعبّر عن منطق احتلالي تستورده إسرائيل من القرون الوسطى ومن بريطانيا، وهي لن تؤتي أكلها أمام شعب يريد أن يتحرر”.