قلّل محللون سياسيون وكتاب فلسطينيون من أهمية مشاركة القيادي المفصول من حركة “فتح” محمد دحلان في الجلسة التي عقدها المجلس التشريعي الفلسطيني في قطاع غزة، الأربعاء الماضي.
وقالوا في حوارات منفصلة مع وكالة “الأناضول”: إن حركة “حماس” ترى أنها مضطرة للتعاون مع دحلان، كونه وسيلة لإنقاذ قطاع غزة من الأزمات التي يعيشها، في حين يأمل دحلان في أن تسمح له الحركة بموطئ قدم في قطاع غزة، بعد أن أبعده الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن حركة فتح، وعن الحياة السياسية الفلسطينية.
وأكدوا أن هذا التقارب سيؤدي إلى تعميق الانقسام الفلسطيني، كونه قائمٌ على قاعدة “العداء المشترك”، بين الطرفين، للرئيس الفلسطيني.
ورأى الخبراء أن مصالح دحلان وحماس، التقت، على عتبة عداء الطرفين للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
فالرئيس عباس يرفض بشدة عودة دحلان لصفوف حركة فتح، ويصر على إبقائه خارج الحلبة السياسية الفلسطينية.
كما أن الرئيس عباس بدأ منذ عدة شهور في اتخاذ خطوات قاسية ضد قطاع غزة، كي يجبر حركة حماس على إنهاء حكمها للقطاع.
وكان وفد من حركة حماس، قد زار مصر بداية يونيو الماضي، وتوصل لتفاهمات مع مسؤولين مصرين، بمشاركة دحلان، تقضي بتقديم تسهيلات لقطاع غزة، مقابل ضبط حركة حماس لحدود مصر مع غزة.
وشارك دحلان في الجلسة التي عقدت الأربعاء الماضي، في قطاع غزة، حيث ألقى كلمة عبر تقنية “الفيديو كونفرس”.
من جانبها، استنكرت حركة “فتح”، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشاركة دحلان في جلسة للمجلس التشريعي، بموافقة حركة “حماس”.
وقال أسامة القواسمي، المتحدث باسم حركة “فتح”: إن حركته “تُشفق على وضع حركة حماس، والذي أجبرها للتقارب مع دحلان”.
وجدد تأكيد حركته على أن الباب لإنجاز المصالحة الفلسطينية معروف، وأنه “لا يمكن إنجازها إلا مع حركة “فتح”.
وحول علاقة حركة “فتح” مع الدول العربية الداعمة لدحلان، قال القواسمي: علاقة الحركة مع تلك الدول جيدة، قائمة على قاعدة الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
وتابع: لم نتدخل بشؤون أحد ولا نريد لأحد أن يتدخل بشؤوننا الداخلية، عليهم احترام القرار الوطني الفلسطيني المستقل ودعمه.
مصالح مشتركة
بدوره، يقول المحلل السياسي الدكتور نشأت الأقطش، أستاذ الإعلام بجامعة بيرزيت، بالضفة الغربية: إن ما يجمع حركة “حماس” ودحلان، هو العداء المشترك للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويوضح الأقطش أن العلاقة بين الطرفين قائمة على قاعدة “المصالح المشتركة”، لافتاً إلى أنه سيدفع باتجاه تعميق أزمة الانقسام الفلسطيني.
ويضيف: اليوم دحلان يشكل قوة اقتصادية في العالم العربي، جعلت حماس تقبل بالمصالحة معه وحماس قوة حقيقة على الأرض.
مشهد ضبابي
أما الدكتور رائد نعيرات، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بالضفة الغربية، فرأى أن مآلات الجلسة البرلمانية المشتركة، ستكون سلبية على علاقة الأخيرة، مع حركة فتح التي يتزعمها محمود عباس.
ويقول نعيرات: المشهد السياسي الفلسطيني، ضبابي، وخاصة في ظل غياب المؤشرات التي تدلّ على إمكانية أن تفضي تلك المصالحة، إلى مصالحة وطنية فلسطينية شاملة.
ويضيف: ستتضح خلال الأيام القادمة، هل ستكون هذه المصالحة مقدّمة للمصالحة الوطنية، أم أنها استثناء.
مناكفة سياسية
من ناحيته، اعتبر المحلل السياسي خالد العمايرة، مشاركة دحلان في جلسة للمجلس التشريعي، نوعاً من المناكفة السياسية بين حركتي “حماس” و”فتح”.
وقال العمايرة: الخطوة تأتي أيضا في سياق الرد الضمني من حركة حماس، على الخطوات الأخيرة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية، من خصومات على رواتب موظفيها بغزة، ووقف الدعم عن بعض مؤسسات القطاع.
ويرى العمايرة أن حركة “حماس” قد تلجأ لخطوات أخرى وصفها بـ”اليائسة” للضغط على السلطة الفلسطينية للتراجع عن إجراءاتها الأخيرة بالقطاع.
ويعتقد أن قبول دحلان، المعروف بعداوته لجماعة الإخوان المسلمين، للتقارب مع حركة إسلام سياسي مثل “حماس”، يأتي في سياق “الألاعيب السياسية”.
ويقول: هذا التقارب ليس استراتيجيا، فهو اتفاق وتلاقٍ مؤقت للمصالح، وخاصة وأن عدوّه وعدو حماس واحد، وهو السلطة الفلسطينية.
ويصف العمايرة التقارب (الحمساوي الدحلاني) بـ”البطاقة” التي يتمسك بها الطرفان، ريثما تتضح المرحلة المقبلة، التي ستُبنى على رد فعل القيادة الرسمية من “رام الله”.
ويأتي هذا التقارب بين الطرفين، نتيجة، لتأزم العلاقة بين حركة “حماس” وحركة “فتح”، التي يتزعهما عباس، على حدّ قول العمايرة.
انقسام وتأزيم
من جانبه، ينتقد الكاتب الصحفي الفلسطيني يحيى رباح، بشدة، مشاركة دحلان في جلسة المجلس التشريعي بغزة.
وقال: المجلس التشريعي، عقب جلسته الأخيرة، يؤكد على موافقته للانقسام الفلسطيني وانحيازه لهذه الحالة.
وأضاف: المجلس التشريعي أنهى نفسه بنفسه، وأصبح غير ذي صفة على الإطلاق.
ويؤكد رباح أن ذلك التقارب يؤزّم من العلاقة بين حركتي “فتح” و”حماس”، مشيراً إلى أن الحركة باتت عاجزة عن الاستجابة للأولويات الفلسطينية.
ويضيف: إذا لم تستجب حماس بالمطلق للخطة التي قدّمها الرئيس الفلسطيني، لإنقاذها وإنقاذ قطاع غزة، لا مكان لها.
وقال: بنود المصالحة الوطنية واضحة، وهي تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير شؤون البلاد في غزة والضفة والقدس، وهذه الحكومة تذهب لانتخابات لتشكيل نظام سياسي يكون قادر على استيعاب متطلبات الموقف الكبير الذي نسعى إليه.