قال تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية: إن الحرب بالرقة تحوّلت إلى حرب استنزاف طاحنة، وإن قوات سورية الديمقراطية تواجه صعوبات كبيرة وتتكبد خسائر فادحة في كل شبر تحقق فيه تقدماً ضد “تنظيم الدولة”.
وأوضح التقرير أن قوات سورية الديمقراطية تحارب في بعض الأحيان من منزل لمنزل، وتتعرض لهجمات انتحارية في أزقة ضيقة، في الوقت الذي تنتظر فيه لمعرفة إن كان مقاتلو “تنظيم الدولة” سيرسلون المزيد من المتفجرات وسط المدنيين الهاربين.
وقال المتحدث باسم قوات سورية الديمقراطية مصطفى بالي: إن معركة الرقة تختلف تماماً عن أي معركة خاضوها من قبل، مضيفاً أن “تنظيم الدولة” يدافع الآن عن عاصمته.
حتى الموت
وأضاف أن المعارك السابقة ضد التنظيم تنتهي عندما يتراجع مقاتلوه – فيما يبدو – للحفاظ على قوتهم البشرية لمعارك تالية، أما في الرقة الآن فإنهم يقاتلون حتى الموت؛ إذ إنها محاصرة من كل الجوانب ولا تالي لها.
وقال المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وسورية، العقيد ريان ديلون، الأسبوع الماضي: إنه بعد شهرين من القتال الكثيف في الرقة استولت قوات سورية الديمقراطية على 45% من المدينة، وهو رقم ظل ثابتاً لأكثر من أسبوع.
وبينما تقول “البنتاجون”: إن قوات سورية الديمقراطية تحقق تقدماً مستمراً، إلا أنها تدفع تكلفة عالية للغاية عن كل شبر من تقدمها، فهي ليست مثل القوات العراقية التي استعادت الموصل بعشرات الآلاف من الجنود والاحتياط، بل أعدادها قليلة وما لديها من المعدات الثقيلة مثل المركبات والدبابات أقل كثيراً.
دفاعات التنظيم
وأشار التقرير إلى أن دفاعات “تنظيم الدولة” في الرقة تتضمن السيارات الانتحارية والقناصة والمفخخات والطائرات المسيرة المسلحة، بالإضافة إلى الخلايا النائمة وسط الأحياء التي استعادتها قوات سورية الديمقراطية.
وتشير التقديرات إلى وجود ما بين 10 آلاف و25 ألفاً من المدنيين العالقين في الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة، يعانون من ندرة الطعام والغلاء الفادح في الأسعار ويعيشون في خوف دائم من الغارات اليومية التي تشنها المقاتلات الأمريكية.
وذكر التقرير أن الإصابات بين من ينجحون في الفرار مرتفعة للغاية، إذ قالت منظمة أطباء بلا حدود: إن أطباءها عالجوا أكثر من 400 مدني جريح بنيران القناصة أو الألغام الأرضية المزروعة في طريق هروبهم.
فقدوا طفولتهم
وقال أطباء أطفال: إنهم لم يشاهدوا في حياتهم حدة في علامات الصدمة النفسية كالتي رأوها لدى الأطفال الهاربين مع أهلهم من الرقة، وقالت الطبيبة مع “اليونيسف” راجية شرهان: إنها لم تر طفلاً في الثانية من عمره لا يحاول صد الطبيب الذي يتفحصه، “هؤلاء يرقدون في استسلام تام”.
وأضافت شرهان أنهم يرون الصدمة واضحة في عيون الأطفال الهاربين مع أمهاتهم، لقد كانوا ملتصقين بصدور أمهاتهم وهم يسمعون الصراخ والعويل طوال الطريق، من المؤكد أنهم فقدوا طفولتهم.
وتقدر وزارة الخارجية الأمريكية أن تطهير الرقة من المتفجرات التي لم تنفجر والفخاخ يحتاج إلى شهور إن لم يكن سنوات بعد طرد “تنظيم الدولة” من المدينة، موضحة أن مقاتلي التنظيم في الموصل والرقة أيضاً أتقنوا كيفية إخفاء وزراعة الألغام والمتفجرات الأخرى، إذ درجوا على إخفائها في أماكن غير متوقعة مثل مولدات الكهرباء وحتى الجثث.