يحاول إعلام الضلال والفتنة أن يصور الوضع في ليبيا على أنه صراع بين الجنرال العائد من أمريكا بعد ضيافة طويلة من قبل الـ”CIA“، والحكومة التي صنعت على عين أمريكا والغرب؛ المسماة حكومة الوفاق.. حكومة السراج!
والواقع أن حكومة السراج ما صنعت ولا مكنت من التحدث باسم ليبيا إلا من أجل تمهيد الأرض لحفتر، ولو تمكن حفتر من السيطرة على جزء ذي بال من ليبيا لما أتعب الغرب نفسه في عمل حكومة وفاق! ولما أرسلت أممه المتحدة مبعوثيها المنحازين ضد الشعب الليبي ليساهموا بالنصيب الأوفر في حرمان الشعب الليبي من حريته ومن موارده الوفيرة.
ولولا حسن نية الثوار، وغالبيتهم من الإسلاميين المجاهدين الصادقين، وغفلتهم أحياناً، وتناحرهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعدم وعي الكثيرين منهم بالمصير الذي ينتظرهم جميعاً، والسكاكين التي تسن لذبحهم جميعاً في أول فرصة للذبح، وأنهم يضعون أيديهم في أيدي سياسيين ونخبة كلها أو جلها إقصائية حتي النخاع؛ تتحدث عن الحرية وهي تعشق الاستبداد، نخبة بائسة منحرفة، لا تعتبر الاستبداد بالإسلاميين استبداداً! كما لا تعتبر تعذيب الإسلاميين تعذيباً! ولا قتلهم قتلاً! هكذا علمهم أسيادهم في الغرب؛ الغرب الذي يحتقر الجميع!
أقول: لولا حسن نية الثوار الإسلاميين وتناحرهم وغفلتهم وعدم وعيهم بما يدبر لهم ولليبيا وللأمة؛ ما تمكن السراج وجوقته التي تعزف الألحان الغربية النشاز من أن يطأ أرض طرابلس العصية.
ولما استطاع حفتر العسكري المربى في أحضان الـ”CIA” والمدعوم عربياً ودولياً من الشرق والغرب، من توسيع نفوذه، والتجول في العالم وكأنه إمبراطور ليبيا الجديد، وهو الذي فشل حتى الآن، بكل الدعم الذي يتلقاه وبكل الأموال التي تضخ له في أن يحسم معركة واحدة مثل معركة بنغازي.. بنغازي الأبية العصية!
فالسراج، وحفتر، طرف واحد، ولو بدا أنهما طرفان، وهذا لا يحتاج إلى الكثير من العناء لإثباته، وثوار 17 فبراير ومن ورائهم الشعب الليبي هم الطرف الأول المتجاهل من حفتر، والسراج وحلفهما.
وقد أخطأ من الثوار كل من أيد السراج ظاناً أنه جاء بالحل، وقد جاء بالفتنة والفرقة من أول يوم، وهو على خُطى من سبقوه في محاولة سرقة ثورة شعب قاب قوسين أو أدني من الحرية!
وسيثبت التاريخ، والمؤشرات على ذلك كثيرة، أن الذين مكنوا السراج وجوقته من دخول طرابلس، هم الذين مهدوا ولو بسذاجة وحسن نية الطريق لدكتاتورية حفتر إذا ما تمت المؤامرة على ليبيا، لا قدر الله.
يا أبناء ليبيا..
يا أبطال ليبيا، تعلموا مما حدث لإخوانكم في مصر الذين باعهم البرادعي الليبرالي المدعوم غربياً وجوقته التي كان يسميها جبهة الإنقاذ، ومن لفَّ لفهم من المأجورين والعملاء، ثم وقف هو وهم يتفرجون على مصر وهي تذبح وتغرق.
أيها الثوار الليبيون، تعلموا مما حدث في تونس، والقادم أسوأ!
تونس التي يكرر رئيسها الحالي، السبسي، الذي عمل في عهد بورقيبة في كل مناصب القمع، مدير إدارة الأمن الوطني، وزير داخلية، ووزير دفاع، ووزير خارجية، السبسي يعيد إنتاج بورقيبة.. فبورقيبة طالب التونسيين بالإفطار في رمضان مخالفين لشرع الله الثابت في دين الله وفي قرآنه، والسبسي يطالبهم بمساواة الرجل والمرأة في الميراث مخالفة لشرع الله الثابت في دين الله وفي قرآنه، وكأنه أحن وأعلم بالمساواة بين البشر من الله! تعالى الله عن ظنهم علواً كبيراً، والفارق أن إفتاء بورقيبة رفض، وإفتاء السبسي رحب! وبعد ثورة تونس، و”النهضة” تعارض باستحياء!
يا أبناء المختار، أربأ بكم أن تكونوا تعبتم من الجهاد، وهو أعلى مراتب بذل الجهد، تذكروا أن النصر صبر ساعة، وتذكروا أن النصر مع الصبر، وتذكروا قول المختار الخالد: “نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت”، أربأ بكم أن تختاروا الذل على الموت.
(كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ {8}) (التوبة).
نصركم، إن شاء الله، سيعيد الأمل وسيعيد إنتاج “الربيع العربي”.
ومن عندكم، من ليبيا، ستعود رياح الثورة لتهب من جديد لتعيد الأمة، كل الأمة للحرية وللانطلاق، وسييأس المتآمرون المأجورون، فليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة! وإن على صخب النائحة المستأجرة.