قالت “هيومن رايتس ووتش”: إن ضباط وعناصر الشرطة و”قطاع الأمن الوطني” في مصر، في عهد رئيس النظام المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني، بأساليب تشمل الضرب والصعق بالكهرباء وأحياناً الاغتصاب.
وأشارت المنظمة الحقوقية الدولية في تقرير لها، صدر اليوم الأربعاء 6 سبتمبر 2017، إلى أن التعذيب الواسع النطاق والمنهجي من قبل قوات الأمن قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.
جو ستورك، نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، قال: “أعطى الرئيس السيسي ضباط وعناصر الشرطة والأمن الوطني الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا، لم يترك الإفلات من العقاب على التعذيب المنهجي أي أمل للمواطنين في تحقيق العدالة”.
ويوثق التقرير كيف تستخدم قوات الأمن، ولا سيما عناصر وضباط الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، التعذيب لإرغام المشتبه بهم على الاعتراف أو الإفصاح عن معلومات، أو لمعاقبتهم.
وانتشرت ادعاءات التعذيب بشكل واسع، منذ أن أطاح وزير الدفاع آنذاك، السيسي، بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، وبدأ هجوماً واسعاً على الحقوق الأساسية.
وبنت “هيومن رايتس ووتش” تقريرها الصادر في 44 صفحة على شهادات 19 معتقلاً سابقاً وأسرة معتقل آخر، تعرضوا للتعذيب بين عامي 2014 و2016، فضلاً عن محامي الدفاع وحقوقيين مصريين.
وبموجب القانون الدولي يُعتبر التعذيب جريمة تخضع للولاية القضائية العالمية، ويمكن مقاضاة مرتكبيه في أي بلد.
وعلى الدول توقيف، والتحقيق مع أي شخص على ترابها يشتبه في تورطه في التعذيب، وأن تحاكمه أو تُرحله لمواجهة العدالة.
جلسات التعذيب
وتشير “هيومن رايتس ووتش” إلى أن وزارة الداخلية قد طوَّرت سلسلة متكاملة لارتكاب الانتهاكات الخطيرة لجمع المعلومات عن المشتبه في كونهم معارضين وإعداد قضايا ضدهم، غالباً ما تكون ملفقة.
ويبدأ ذلك عند الاعتقال التعسفي، ويتطور إلى التعذيب والاستجواب خلال فترات الاختفاء القسري، وينتهي بالتقديم أمام أعضاء النيابة العامة الذين كثيرا ما يضغطون على المشتبه بهم لتأكيد اعترافاتهم، ويمتنعون بشكل كامل تقريباً عن التحقيق في الانتهاكات.
وقال معتقلون سابقون: إن جلسات التعذيب تبدأ باستخدام عناصر الأمن بصعق المشتبه به بالكهرباء وهو معصوب العينين، عار، ومقيد اليدين بينما يصفعونه، أو يلكمونه، أو يضربونه بالعصي والقضبان المعدنية، وإذا لم يمنح المشتبه به العناصر الإجابات التي يريدونها، فإنهم يزيدون قوة الصعق بالكهرباء ومدته، وتقريباً دائماً ما يصعقون المشتبه به في أعضائه التناسلية.
وأضاف المعتقلون أن العناصر يستخدمون نوعين من وضعيات الإجهاد لإخضاع المشتبه بهم لألم شديد، في واحدة منها، يعلقون المشتبه بهم فوق الأرض وأيديهم مرفوعة إلى الوراء، وهي وضعية غير طبيعية تسبب ألماً شديداً في الظهر والكتفين، وتخلع أحياناً أكتافهم.
في الثانية، وتسمى “الفرخة” أو “الشواية”، يضع العناصر ركبتي المشتبه فيهم وذراعيهم على الطرفين المتقابلين للقضيب، بحيث يقع القضيب بين مفصل المرفقين والجزء الخلفي من الركبتين، ويربطون أيديهم معاً فوق مقدمة سيقانهم، وعندما يرفع الضباط القضيب ويعلقون المشتبه بهم في الهواء، مثل دجاجة على سيخ الشواء، يعاني هؤلاء من ألم شديد في الكتفين، والركبتين، والذراعين.
يضع عناصر الأمن المعتقلين في وضعيات الإجهاد هذه لساعات كل مرة، ويستمرون في ضربهم، وصعقهم بالكهرباء، واستجوابهم.
تعذيب لمدة 6 أيام
فعلى سبيل المثال قال “خالد”، وهو محاسب يبلغ من العمر 29 عاماً، لـ”هيومن رايتس ووتش”: إن عناصر الأمن الوطني في الإسكندرية اعتقلوه، في يناير 2015، واقتادوه إلى مديرية الأمن التابعة لوزارة الداخلية بالمدينة، وطلبوا منه أن يعترف بالمشاركة في إحراق متعمد لسيارات الشرطة في العام السابق، وعندما نفى خالد معرفة أي شيء عن الهجمات، جرَّده أحد العناصر من ملابسه وبدأ يصعقه بأسلاك مكهربة، استمرت عمليات التعذيب والاستجواب، والتي شملت صعقاً شديداً بالكهرباء ووضعيات إجهاد، لمدة 6 أيام تقريباً، ولم يُسمح خلالها لخالد بالاتصال بأقاربه أو محامين، أجبره الضباط على قراءة اعترافات مُعَدَّة وصوروها، وتقول: إنه أحرق سيارات الشرطة بناء على أوامر من الإخوان المسلمين.
وبعد 10 أيام، استجوب عدة أعضاء من النيابة العامة خالد وزملاءه المحتجزين، وعندما أخبر خالد أحد أعضاء النيابة بأنه تعرض للتعذيب، ردَّ عليه بأن ذلك ليس من اختصاصه، وأمر خالد بإعادة سرد الاعتراف المصور، وإلا فإنه سيعيده مرة أخرى للتعذيب.
يتذكر خالد: “أنت تحت رحمتهم، ستفعل كل ما يقولونه لك، صعقوني بالكهرباء في رأسي، وخصيتيّ، وتحت إبطيّ، كانوا يُسخنون الماء ويصبونه عليك، في كل مرة أفقد فيها وعيي، كانوا يصبونه علي”.