قال خبيران تركيان في مجال الطاقة: إن بلادهما تمتلك قوة كبيرة للضغط على الإقليم الكردي شمالي العراق، تتمثل في وقف تصدير نفطه عبر أراضيها، لحث أربيل على التراجع عن نتائج استفتاء انفصالها الذي أجرته أمس الإثنين.
فولكان أوزدمير، مدير معهد أسواق وسياسة الطاقة، قال لـ”الأناضول”: إن “سلطات الإقليم لن تستطيع الصمود لفترة طويلة إذا أوقفت تركيا تصدير نفطه (الإقليم) عبر أراضيها، في الوقت الذي وصل فيه سعر برميل النفط 60 دولاراً”.
ويصدر الإقليم نحو 550 ألف برميل – من أصل 600 ألف ينتجها يومياً – عبر أنبوب يصب في مرفأ جيهان التركي (جنوب) المطل على البحر المتوسط، وتعتبر مصدر الدخل الأساسي للإقليم.
وأمس الإثنين، جرى الاستفتاء في محافظات الإقليم الثلاث، أربيل والسليمانية ودهوك، فضلا عن مناطق متنازع عليها بين الحكومة الاتحادية في بغداد والإقليم.
ومناطق النزاع تشمل محافظة كركوك وأجزاء من محافظات نينوى وصلاح الدين (شمال) وديالى (شرق).
وأشار أوزدمير إلى أن اتفاق عائدات النفط بين بغداد وأربيل (عام 2014) أصبح غير ساري المفعول، حيث يقوم الإقليم بتصدير النفط خلال السنوات الثلاث والنصف الأخيرة إلى الأسواق العالمية عبر تركيا.
وأبرمت بغداد وأربيل في ديسمبر 2014 اتفاقاً نفطياً يضمن أن يقوم الإقليم الكردي بتسليم ما لا يقل عن 250 ألف برميل نفط يوميا للحكومة الاتحادية بغرض التصدير، وأن تصدّر الأخيرة 300 ألف برميل يومياً من حقول محافظة كركوك، عبر خط أنبوب النفط في الإقليم.
وأوضح الخبير التركي أن كركوك مرشحة لأن تشهد نشوب صراع فيها، بسبب وجود خلاف حولها بين الحكومة المركزية في بغداد وإدارة الإقليم الكردي.
وأكد أوزدمير أن إدارة الإقليم تحاول فرض أمر واقع على كركوك التي تعتبر مدينة تركمانية، عبر شمولها باستفتاء الانفصال، مبيناً “يمكننا القول: إن كركوك قد تكون مركز صراع كبير”.
وبيّن أن مسألة استفتاء انفصال الإقليم أصبحت مشكلة بين دول الجوار مثل تركيا وإيران والقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، و”إسرائيل” – التي أعلنت دعمها للاستفتاء – مؤكداً أن موقف الدول المذكورة خلال المرحلة القادمة سيكون عاملاً حاسماً في هذه المسألة.
ولفت إلى أن هناك أنباء عن اتفاقية بين الإقليم الكردي وشركة روسنفت الروسية للنفط بخصوص خط أنابيب الغاز الطبيعي، مؤكدا أن هذه الاتفاقية تعد تطورا مهما جدا بالنسبة إلى المنطقة.
وذكر أن حكومة مسعود بارزاني، رئيس الإقليم الكردي في العراق، تبذل جهوداً من أجل كسب روسيا في صفّها، من خلال تلك الاتفاقيات.
وأشار أوزدمير إلى أن “إدارة الإقليم حتى وإن امتنعت عن تنفيذ نتائج الاستفتاء، فإن حالة الغموض ستتواصل في الإقليم لمدة معينة مستقبلاً”.
وجدد تشديده على أن “تركيا لو أوقفت تصدير النفط من الإقليم عبر أراضيها، فإن أحلام الانفصال للإقليم ستذهب سدى”.
من جانبه، أفاد أوغوزهان أق ينار، رئيس مركز أبحاث إستراتيجيات وسياسات الطاقة في تركيا، أن الخلافات بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات الإقليم بخصوص تقسيم إيرادات النفط، ممتدة منذ عام 2014، حيث يقوم الإقليم بصرف عائدات بيع النفط على احتياجاته.
وأضاف يبدو أن هناك مشكلة جدية ستلوح في الأفق إذا لم يتم حل المشكلات العالقة بين الجانبين، عبر تحقيق الوحدة الداخلية والاستقرار في العراق.
وبيّن “أق ينار” أنه لا يحق رسميا للإقليم الكردي بيع النفط دون موافقة الحكومة المركزية، مشيراً أن عائدات التجارة التي تجري بموافقة الحكومة تذهب إلى الموازنة، وتدفع الحكومة المركزية 17% من إجمالي الموازنة كحصة الإقليم.
وأضاف في ذات السياق: “يبدو أن هذه الإجراءات صعبة التطبيق”.
وترفض الحكومة العراقية الاستفتاء ونتائجه، وتقول: إنه لا يتوافق مع دستور البلاد المعتمد عام 2005، ولا يصب في مصلحة الأكراد سياسياً ولا اقتصادياً ولا قومياً.
كما يرفض التركمان والعرب أن يشمل الاستفتاء محافظة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها، في محافظات نينوى، وديالى، وصلاح الدين.
وصوت البرلمان العراقي بأغلبية أعضائه على رفض الاستفتاء، إلا أن الإقليم الكردي أكد عدم التزامه بقرار البرلمان، وأجرى تنظيمه أمس دون الاكتراث للرفض الدولي والإقليمي.
وعارضت دول الجوار والغرب الاستفتاء كونه سيفتح باباً واسعاً للنزاع في المنطقة، ويؤثر سلباً على جهود محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق.