عقب الانتخابات البرلمانية التي شهدتها ألمانيا نهاية الأسبوع الماضي، والنتائج التي تمخّضت عنها، سيطر نوع من القلق والخشية على المسلمين هناك؛ بسبب صعود اليمين المتطرف الشعبوي المتمثل بحزب “البديل من أجل ألمانيا” وتمكّنه من دخول البرلمان.
والأحد الماضي، حقق حزب “البديل” قفزة هائلة، واحتل المرتبة الثالثة بـ12.6% من الأصوات، خلف كل من حزب “الاشتراكيين الديمقراطيين” (20.5%)، و”الاتحاد المسيحي” بقيادة المستشارة، أنجيلا ميركل (33%).
وفي مقابلة أجرتها معه “الأناضول”، قال أيمن مزيك، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، إنّ اليمين المتطرف بالبلاد “استفاد كثيراً من بقاء قضايا اللاجئين والإسلام وتركيا، محور نقاش بين الساسة لفترة طويلة، وانعكست تلك النقاشات إيجاباً على شعبية الحزب”، بحسب قوله.
وأكّد مزيك أنّ المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، حذّر منذ وقت طويل، من خطر تصاعد التيار اليميني المتطرف في البلاد، موضحًا أنّ “فوز البديل من أجل ألمانيا بمقاعد في البرلمان، يعتبر نتيجة طبيعية، إذا ما وضعنا بالحسبان تصاعد وتيرة التصريحات التي تشجّع على العداء للمسلمين والأجانب، لا سميا الأتراك، خاصةً خلال العامين الأخيرين”.
وأشار أن “القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والتنموية وأمور أخرى تتعلق بكيفية رفع مستوى المعيشة في البلاد، كانت شبه غائبة عن أذهان الساسة خلال حملاتهم الانتخابية، وهذا الأمر أدّى إلى تعاظم قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة وخاصة البديل من أجل ألمانيا”.
وأعرب مزيك عن أمله في أن تبذل الأحزاب السياسية خلال الفترة القادمة، جهوداً مضاعفة للحد من استمرار تعاظم شعبية “البديل من أجل ألمانيا”، مبيناً أنّ الحزب المذكور “يرغب في القضاء على الديمقراطية التحررية في البلاد وتأسيس جمهورية جديدة تناسب أهدافه وتطلعاته”.
وتابع قائلًا: “هناك مد لليمين المتطرف في ألمانيا، فالرسائل المعادية للإسلام والأجانب، انتشرت وكثرت بشكل غير طبيعي على وسائل التواصل الاجتماعي، ومضمونها يُشعر المسلمين الذين ولدوا هنا، وترعرعوا، بأنهم ليسوا أبناء هذا البلد، وإننا كمسلمين قلقون من تعاظم هذا التيار الذي يعتدي علينا وعلى مقدساتنا ومساجدنا”.
مزيك ذكر أنّ أحد ممثلي المجتمع اليهودي في برلين أبلغه قبل مدّة، بأنّ ما يحدث من عداء للمسلمين في ألمانيا خلال الفترة الراهنة، يمكن أن يطال اليهود لاحقاً.
ووجّه رئيس المجلس الأعلى للمسلمين، رسالة إلى حزب “الاتحاد المسيحي” بزعامة، ميركل، قائلاً: “من يحاول أن يقلّد اليمين المتطرف يتحتّم عليه الخسارة في النهاية، فالناخب يختار النسخة الأصلية ولا يفضّل نظيرتها المصورة التقليدية، لذا على الأحزاب السياسية الامتناع عن سياسة التقليد من أجل حصد عدد أكثر من أصوات الناخبين”.
من جانبه، وصف برهان كسيجي، رئيس المجلس الإسلامي في ألمانيا، نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل عدة أيام بـ”الكارثية”.
وأشار كسيجي إلى أنّ “اليمين المتطرف استطاع خلال هذا الاستحقاق الانتخابي رفع نسبته من أصوات الناخبين، بينما تلقّى حزبا الاتحاد المسيحي، والاجتماعي الديمقراطي صفعة قوية”.
وأردف قائلاً: “منذ سنوات ونحن نحذّر من تصاعد التيار اليميني هنا، ولعل احتلال (البديل من أجل ألمانيا) المرتبة الثالثة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تؤكّد صحة تحذيراتنا”.
وأضاف: “حصد اليمين المتطرف لكل هذه الأصوات يبعث القلق لدى المسلمين، لأننا ندرك أنّ بقية الأحزاب ستحاول تقليد البديل من أجل ألمانيا، وتمارس ضغوطاً على المسلمين كي تحصد مزيداً من الأصوات”.