ناقشت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، المآسي التي يتعرض لها مسلمو الروهنجيا بإقليم آراكان، غربي ميانمار، وأجمع المتحدثون في الجلسة على ضرورة التحرك الفوري لوقف “التطهير العرقي” بحقهم.
وعقدت اللجنة المذكورة، الأربعاء، جلسة لمناقشة الأوضاع في ميانمار، شارك فيها عدد من المتحدثين، من خارج المجلس.
وشارك في الجلسة كمتحدثين من الخارج، كل من دانيال سوليفان، المدافع عن الحقوق الدولية للاجئين، ووالتر لوهمان، مدير مركز الدراسات الآسيوية التابع لمؤسسة “التراث” الأمريكية (غير حكومية).
كما شارك مايكل مارتن، اختصاصي العلاقات الآسيوية بالكونجرس، وأندريا جيتلمان، منسق برنامج المتحف التذكاري لما يسمى بالمحرقة (الهولوكوست).
وفي افتتاحية الجلسة، قال الجمهوري، تيد يوهو، رئيس لجنة آسيا والمحيط الهادئ الفرعية التابعة للجنة الشؤون الخارجية بالنواب، في كلمة له: إن “العنف الذي يمارس بحق الروهنجيا أكثر أقلية مضطهدة ومظلومة حول العالم، اتخذ أبعادًا جديدة”.
وتابع: “بعد الهجمات التي شنها جيش تحرير روهنجيا آراكان، في 25 أغسطس الماضي، أطلق مسؤولو بورما، هجومًا وحشيًا لا يستثني أحدًا، فُهجر 400 ألف شخص ممن أماكنهم، وقتل المئات، وأُحرقت القرى”.
يوهو، شدد في كلمته على ضرورة تحلي الرأي العام العالمي، بما في ذلك الإدارة الأمريكية، بنوع من الحساسية بخصوص موضوع آراكان، مع الإسراع في توجيه التحذيرات اللازمة لسلطات ميانمار.
لا بد من شجب التطهير العرقي بأشد العبارات
من جهته، سلط رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، الجمهوري، إيد رويس، الضوء على مسألة منع الصحفيين من دخول ميانمار، مضيفا “ولهذا السبب لا نعرف بشكل كامل كم شخصا قتل، وكم قرية أُحرقت”.
وتابع رويس في كلمة له قائلاً: “لا شك أنه يتعين علينا إدانة هذا التطهير العرقي بأشد العبارات، والقيام باتخاذ اللازم، وتحميل مسؤولية ما يجري، للسلطات في ميانمار، ولجيشها”.
لا شك في أن آراكان يشهد تطهيرًا عرقيًا
بدوره، قال المحامي الأمريكي، دانيال سوليفان، في كلمة له: “لا شك أن ما يتعرض له مسلمو الروهنجيا، هو تطهير عرقي، لذا بات علينا اتخاذ خطوات عاجلة اليوم، حتى لا تتكرر مأساة سربنيتسا ورواندا”.
وشهدت رواندا حربًا أهلية وقعت بين الجيش، والجبهة الوطنية الرواندية بين عامي 1990 و1993، نتجت عنها انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان، أخطرها الإبادة الجماعية.
كما شهدت مدينة سربرنيتسا بالبوسنة والهرسك في يوليو 1995، إبادة جماعية، راح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص، من المسلمين البوشناق أغلبهم من الرجال والصبيان.
وحمّل سوليفان السلطات الميانمارية، والحكومة الأمريكية، مسؤولية ما يجري لمسلمي الروهنجيا، مشيرًا أن “مسؤوليتهما لا تقل عن مسؤولية الجيش الذي يرتكب تلك المجازر”.
كما شدد على ضرورة قطع الولايات المتحدة لعلاقاتها العسكرية مع ميانمار، مضيفا “كما ينبغي فرض عقوبات على المتورطين في ارتكاب جرائم هناك، من مؤسسات وأشخاص، وإدراجهم على القوائم السوداء”.
أما أندريا جيتلمان، فلفت في كلمة مماثلة إلى أن العمليات العسكرية التي يرتكبها جيش ميانمار بحق مسلمي الروهنجيا، أخذت وتيرة سريعة خلال آخر عامين.
وأضاف: “لما تواصلنا مع سكان المنطقة هناك سمعت أذاننا حكايات وقصص عن مجازر مخيفة، وحالات اغتصاب وتعذيب، لذا علينا أخذ تلك المجازر التي يرتكبها جيش ميانمار، على محمل الجد”.
وطالب بضرورة اتخاذ الرأي العام العالمي مزيدًا من الخطوات من أجل حماية كل الأقليات في المنطقة، وإيصال المساعدات الإنسانية اللازمة لهم.
على الكونجرس أن يتحرك للرد على مجازر آراكان
في ذات السياق شدد مايكل مارتن، خبير العلاقات الآسيوية بالكونجرس، على ضرورة “رد الكونجرس وبشكل سريع على الأزمة الواقعة في ميانمار وبنجلاديش”.
وأشار إلى تعدد أبعاد تلك الأزمة، مضيفا “لذلك ينبغي تقييم كافة هذه الأبعاد كل على حدة، لاتخاذ خطوات عاجلة دون تضييع وقت، من أجل حلها”.
تطهير عرقي ممنهج
والتر لوهمان، منسق مركز الدراسات الآسيوية بمؤسسة “الميراث” الأمريكية، قال إن “التطهير العرقي في ميانمار يمارسه الجيش هناك بشكل ممنهج منذ سنوات طوال”.
ومنذ 25 أغسطس الماضي، يرتكب جيش ميانمار مع مليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهنجيا المسلمة، أسفرت عن مقتل آلاف وتشريد عشرات الآلاف من الأبرياء، حسب ناشطين محليين.
وعبَرَ منذ ذلك التاريخ نحو 480 ألفًا من الروهنجيا، وفق ما أفاد به المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في وقت سابق.
وفي 19 سبتمبر الجاري، دعت منظمتا “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” الحقوقيتان الدوليتان، مجلس الأمن الدولي للضغط على حكومة ميانمار لوقف عمليات التطهير العرقي.