يشكل المسلمون النمساويون وغالبيتهم من الأتراك والبوسنيين والعرب مجموعة انتخابية مهمة في النمسا لا يمكن تجاهلها؛ إذ تفيد التقديرات بوجود نحو 700 ألف مسلم من إجمالي تعداد السكان البالغ 8.7 مليون نسمة.
وطلبت منظمات إسلامية معترف بها في النمسا الأسبوع الماضي من قادة الأحزاب السياسية إعلان مواقفهم بشكل صريح من الإسلام ليتسنى لها توجيه المسلمين للتصويت في الانتخابات القادمة بناء على مواقف هذه الأحزاب، وذلك في ظل الحملة الشديدة ضد المسلمين في النمسا وتحميلهم مسؤولية التطرف والأعمال الإرهابية التي شهدتها أوروبا خلال الفترة الأخيرة.
وطرحت منظمة “مبادرة النمساويين المسلمين” وبدعم من الهيئة الإسلامية الرسمية في النمسا ولأول مرة في تاريخ الحملات الانتخابية عدة أسئلة على قادة الأحزاب السياسية الرئيسة في البلاد تتمحور حول: “هل الإسلام ينتمي إلى النمسا؟ وهل السياسة تجاه الإسلام مرتبطة بالسياسة الأمنية؟ وما رأيك في القيود التي فرضها قانون الإسلام الجديد ومسألة حظر الحجاب في الخدمة العامة؟”.
وبغض النظر عن الأسئلة المطروحة، فإن هذه المنظمات الإسلامية المعترف بها رسمياً في النمسا تتوقع تلقي الردود على أسئلتها في وقت قريب تقوم بعدها بنشرها عبر وسائل الاتصال الاجتماعي وإيصالها إلى الجالية المسلمة بغية التعرف على مواقف قادة الأحزاب من الإسلام، وكيف ينظرون إلى المسلمين، وهل يعتبرونهم جزءاً من المجتمع كمجموعة انتخابية، وكيف يقيمون القيود التي وضعت على المسلمين كمنع الحجاب وغيرها في قانون الإسلام الجديد المطبق في البلاد.
وقال المتحدث باسم منظمة “مبادرة النمساويين المسلمين” ويدعى طرفة باغاجاتي (وهو من أصل سوري) في تصريح صحفي اليوم: إنه يتعين على السياسيين النمساويين الاستفادة من أصوات هؤلاء المسلمين من خلال مراعاة مصالحهم باعتبار أنه لا يوجد حزب سياسي قادر بمفرده على نيل أغلبية الأصوات؛ وبالتالي فإن الكل بحاجة إلى كسب مزيد من الأصوات.
ويتوقع توجه أكثر من 6 ملايين مواطن نمساوي إلى صناديق الاقتراع في 15 أكتوبر المقبل لاختيار برلمان جديد يحدد شكل الحكومة النمساوية المستقبلية، ويتعين على الأحزاب الحصول على نسبة 4% من الأصوات (الحد الأدنى) لدخول البرلمان، بحسب “كونا”.
ولا يزال حزب الشعب المحافظ بقيادة وزير الخارجية الشاب سيباستيان كورتس يتصدر استطلاعات الرأي من ناحية شعبيته، وبنسبة نحو 33%، يليه الحزب الاشتراكي الذي يقود الائتلاف الحاكم بنسبة 25%، أما شعبية الأحزاب المعارضة في البرلمان فهي كالتالي: حزب الأحرار اليميني المعارض 23%، ثم النمساويون الجدد 6%، وقائمة بيلتس 6%، إضافة إلى حزب الخضر 4%.
ولا يستبعد المحللون أن يشكل حزب الشعب المحافظ أكبر قوة سياسية في البلاد، وقد يتسلم رئاسة الحكومة بعد الانتخابات العامة في منتصف أكتوبر، إلا أن إمكانية تعافي الحزب الاشتراكي وتجاوز محنته الحالية تظل قائمة ومرتبطة بتقديمه مزيداً من الوعود الانتخابية لشعبه، وربما الاستفادة من احتمالات تعرض باقي الأحزاب السياسية لفضائح سياسية قبل أسابيع من موعد إجراء الانتخابات.
وتسود حالة من الشك والتردد النمساويين المسلمين إزاء الأحزاب السياسية في البلاد ولمن سيعطون أصواتهم، وهل سيتوجهون فعلاً إلى صناديق الاقتراع منتصف أكتوبر القادم بعد أن أصبحت هذه الأحزاب تتبارى في حملاتها الانتخابية في كراهية الإسلام واللاجئين والمهاجرين على حد سواء وربط الإسلام بالإرهاب وبتزايد التطرف والعنف بين صفوف اللاجئين والمهاجرين.