بعد ثلاثة أسابيع من الاشتباكات المسلحة في مدينة صبراتة الليبية بين طرفين يتبعان حكومة الوفاق الوطني، انجلى الغبار عن سيطرة “غرفة عمليات محاربة تنظيم الدولة”، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات بشأن تبعية هذه الغرفة وولائها الحقيقي.
وكان قائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد وصف في تصريحات نقلتها وكالة “آكي” الإيطالية، ما يحدث في مدينة صبراتة بالحرب الشرعية.
وقال حفتر: إن الحرب بين من أسماهم ضباط الجيش الليبي – في إشارة إلى “غرفة عمليات محاربة تنظيم الدولة” – من جهة وجماعات تمتهن الإرهاب وتجارة البشر من جهة أخرى.
وانطلقت شرارة الاشتباكات في 17 سبتمبر الماضي بين غرفة عمليات محاربة التنظيم والكتيبة 48 مشاة التابعة لرئاسة الأركان في طرابلس، على خلفية تعرض إحدى مركبات الأخيرة لإطلاق نار لعدم توقفها عند حاجز أمني تابع للغرفة، وهذا ما أدى لوفاة شخص وإصابة آخرين.
إعادة الأمن
ورحب كل من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس ومجلس النواب في طبرق بسيطرة غرفة العمليات على مدينة صبراتة، وإعادة الأمن إليها وتأمين المواطنين وممتلكاتهم.
يشار إلى أن غرفة العمليات جرى تشكيلها في 6 يونيو 2016 بقرار من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، بإمرة العميد عمر عبد الجليل، على أن تكون تبعية الغرفة للقائد الأعلى مباشرة.
وخلفت الاشتباكات نحو 39 قتيلاً وأكثر من 300 جريح من كلا الطرفين، إلى جانب عدد من المدنيين، وتضرر عدد من الممتلكات العامة والخاصة، ونزوح نحو ثلاثة آلاف عائلة من بؤر الاشتباكات، وفق إحصائية المجلس البلدي بالمدينة.
وقال الناشط السياسي الليبي المقيم في الولايات المتحدة عماد الدين المنتصر، إن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق يحاول بسذاجة احتواء خليفة حفتر والتعامل معه كشريك سياسي، لكن ما هو معروف عن الحاكم العسكري أنه لا يتقاسم السلطة، وبالتالي سيتركهم يتغنون بالمصالحة والحوار، بينما يتقدم هو بخطى ثابتة نحو قصر الرئاسة.
صراعات مسلحة
ولم يبتعد رأي الخبير العسكري من طرابلس عادل عبد الكافي عن المنتصر، إذ رأى أن حفتر يستغل الأحداث والصراعات المسلحة والانقسامات العسكرية من أجل توظيفها لصالحه، ويعمل على إرباك المشهد وتعقيده من أجل مصالحه وبسط نفوذه، بحسب “الجزيرة نت”.
ويستغرب الباحث في الشؤون العسكرية من مصراتة سليمان بن صالح موقف رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ورئيس أركانه العميد عبد الرحمن الطويل، عندما تبنى حفتر أحد أطراف النزاع وأعلن عدم إيقافه القتال.
من جهته، أفاد مصدر أمني مسؤول في العاصمة طرابلس للجزيرة نت، بأن غرفة العمليات تتبع المجلس الرئاسي ظاهريا، لكنها في الواقع مع عملية الكرامة في شرق ليبيا قلبا وقالبا، وكذلك كتيبة 48 مشاة في الظاهر تتبع رئاسة الأركان بحكومة الوفاق، لكن انتماءها يعود للمؤتمر الوطني العام السابق.
ويرى الناشط السياسي الليبي محمد فؤاد أن من يسيطر على مدينة صبراتة يستطيع السيطرة على عدة مصالح حيوية ومهمة تمكّنه من التفاوض مع الأوروبيين، وخاصة الجانب الإيطالي الذي يسعى حفتر للتحالف معهم.
منشآت نفطية
وجاء رأي الناشط السياسي عماد الدين المنتصر في السياق نفسه، إذ رأى أن حفتر يرى صبراتة بوابته للدخول إلى العاصمة طرابلس والاستحواذ على المنشآت النفطية، الأمر الذي سيجعل إيطاليا أو غيرها مرغمة على التعامل معه على كافة المستويات.
وتعدّ مدينة صبراتة (73 كلم غرب العاصمة طرابلس) من أهم نقاط انطلاق قوارب الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا، وعمليات تهريب الوقود إلى مالطا بحرا، وإلى تونس برا، إضافة إلى وجود ميناء مليتة النفطي.
وكان حفتر قد زار إيطاليا في 26 سبتمبر الماضي، في زيارة هي الأولى من نوعها بعد أن تصاعدت العلاقات بينهما.
بدوره، اعتبر عضو لجنة الحوار السياسي بالمجلس الأعلى للدولة عمر بوشاح، أن ما حدث في صبراتة تأزيم للمشهد السياسي والأمني في ليبيا عموما وفي المنطقة الغربية خصوصا، حيث جاء هذا التصعيد في وقت كانت فيه المنطقة تشهد هدوءاً واستقراراً مع محاولات رأب الصدع من خلال جلسات الحوار بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.